﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ﴾ كتبه ﴿وَلِقَائِهِ﴾ أي وكفروا أيضاً بالبعث والحساب، والثواب والعقاب ﴿فَحَبِطَتْ﴾ بطلت ﴿أَعْمَالُهُمْ﴾ الصالحة، التي عملوها في الدنيا ﴿فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ﴾ ولا لأعمالهم ﴿يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً﴾ بل نتركهم في نهاية الذلة، وغاية المهانة؛ غير ما أعددناه لهم من عذاب أليم، وشر مقيم
﴿حِوَلاً﴾ تحولاً
﴿قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ﴾ بمائه الكثير الوفير ﴿مِدَاداً﴾ المداد: الذي يكتب به ﴿لِّكَلِمَاتِ رَبِّي﴾ الدالة على عظمته وربوبيته، وعلمه وحكمته ﴿لَنَفِدَ الْبَحْرُ﴾ فرغ ماؤه في الكتابة ﴿قَبْلَ أَن تَنفَدَ﴾ تنتهي ﴿لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ﴾ بمثل البحر ﴿مَدَداً﴾ لنفد أيضاً ذلك المدد، قبل أن تنفد كلمات الله تعالى وهو تصوير لقدرته تعالى، ومزيد سلطانه وليس المراد حقيقة الكلام؛ من مداد وأقلام؛ إذ أن كلماته تعالى - في تكوينها - لا هجائية؛ بل إرادية، فالمخلوقات الربانية؛ والمبدعات الإلهية: إن هي إلا كلمات بليغة؛ ينطق بها لسان الحال، بما هو أفصح من لسان المقال. وإنلله تعالى كتابين دالين على وجوده وشهوده؛ يقوم كلاهما بالهداية إليه، والتعريف به: أحدهما: كتاباً مخلوقاً؛ وهو الكون وما فيه من عجائب تجل عن الحصر، وغرائب تعز عن الوصف. وثانيهما: كتاباً قديماً محدثاً منزلاً وهو القرآن؛ وفيه ما فيه من لآلىء المعاني، وينابيع الحكم، وبليغ الكلم (انظر آية ٢٧ من سورة القمان).


الصفحة التالية
Icon