﴿قَالَ رَبِّ اجْعَل لِي آيَةً﴾ علامة على ذلك ﴿قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوِيّاً﴾ أي بأيامها. وقد كانوا يتقربون إلى الله تعالى بالصوم عن الطعام والكلام، والتفرغ للعبادة؛ ولا يزال - ولن يزال - الصيام والتفرغ للعبادة من موجبات إجابة الدعاء، وتحقق الرجاء
﴿فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ﴾
وهو موضع الصلاة ﴿فَأَوْحَى﴾ أشار وأومأ ﴿إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُواْ﴾ انقطعوا لعبادة الله تعالى وذكره ﴿بُكْرَةً وَعَشِيّاً﴾ أوائل النهار وأواخره
﴿بِقُوَّةٍ﴾ بجد واجتهاد ﴿وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً﴾ أي آتيناه الرشاد والسداد؛ اللذين يؤهلانه لأن يحكم بين الناس. قيل: كان وهو ابن ثلاث سنين يدعوه الصبيان للعب معهم؛ فيقول: ما للعب خلقت
﴿وَحَنَاناً﴾ أي وآتيناه ﴿مِّن لَّدُنَّا﴾ حناناً؛ وهو الرأفة، والشفقة، والمحبة ﴿وَزَكَاةً﴾ طهارة، وبركة
﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ﴾ ابنة عمران ﴿إِذِ انتَبَذَتْ﴾ اعتزلت وانفردت ﴿مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِياً﴾ قيل: حاضت؛ فاعتزلت المحراب، وذهبت قبل المشرق
﴿فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِم﴾ ناحيتهم ﴿حِجَاباً﴾ ستراً يسترها عن الناس. قيل: لتغتسل من حيضتها ﴿فَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهَآ رُوحَنَا﴾ هو جبريل عليه السلام ﴿فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً﴾ أي كالبشر. والملائكة: أجسام نورانية؛ تتشكل - بأمر الله تعالى - كيف شاءت ﴿سَوِيّاً﴾ أي مستوي الخلقة؛ فلا هو بالكسيح، ولا الأعمى؛ بل حسن الوجه، مستوي الجسم ﴿قَالَتْ﴾ مريم؛ لما رأته معترضاً طريقها ﴿أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً﴾ أي إن كنت ممن يتقي الله ويخافه، ويخشى غضبه وعذابه: فلا تتعرض لي بسوء ﴿قَالَ﴾ جبريل: لا تخافي يا مريم، ولا تخشى سوءاً ﴿إِنَّمَآ أَنَاْ رَسُولُ رَبِّكِ﴾ إليك ﴿لأًّهَبَ لَكِ﴾ بأمره وقدرته ﴿غُلاَماً زَكِيّاً﴾ طاهراً مباركاً وقرىء «ليهب لك» أي ربك
﴿قَالَتْ إِنِّي﴾ كيف ﴿يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي﴾ أنا عذراء ﴿وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ﴾
بتزوج


الصفحة التالية
Icon