﴿مَهْداً﴾ فراشاً ﴿وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً﴾ طرقاً ﴿أَزْوَاجاً﴾ أصنافاً ﴿مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى﴾ مختلفة ومتنوعة
﴿إِنَّ فِي ذلِكَ﴾ أي إن في جعل الأرض مهاداً، وشق الطرق فيها والعلامات، وإنزال الماء من السماء، وإخراج النبات من الأرض؛ لأكلكم ورعي أنعامكم؛ إن في جميع ذلك ﴿لآيَاتٍ﴾ دالات على وجود الخالق الحكيم المبدع ﴿لأُوْلِي النُّهَى﴾ ذوي العقول
﴿مِّنْهَا﴾ أي من الأرض ﴿خَلَقْنَاكُمْ﴾ خلقنا أصلكم آدم عليه السلام من تراب ﴿وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ﴾ بعد الموت ﴿وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ﴾ عند البعث ﴿تَارَةً﴾ مرة
﴿وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ﴾ أي أرينا فرعون ﴿آيَاتِنَا كُلَّهَا﴾ الدالة على صدق موسى، وصحة رسالته ﴿فَكَذَّبَ﴾ بها ﴿وَأَبَى﴾ أن يؤمن ﴿قَالَ﴾ فرعون لموسى ﴿أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا﴾
سمى عدو الله المعجزة سحراً؛ وشتان بين المعجزة والسحر
﴿مَكَاناً سُوًى﴾ مستوياً؛ ليرانا سائر من يحضرنا؛ ويشهدوا دلائل صدقنا وكذبك وقد توهم عدو الله أنه منتصر على حق موسى بباطله، وعلى آياته بسحره
﴿قَالَ﴾ موسى؛ وهو مطمئن إلى حجته، واثق بمعونة ربه ﴿مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ﴾ هو يوم العيد؛ لأنهم يتزينون فيه ﴿وَأَن يُحْشَرَ﴾ يجتمع ﴿النَّاسُ ضُحًى﴾ أول النهار؛ وقد اختار موسى هذا اليوم: لتكون فضيحة فرعون أكبر، وخزيه أعظم؛ أمام ملإ كبير من شيعته وعبدته
﴿فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ﴾ انصرف وأعرض عن موسى: ليعد عدته، ويأخذ أهبته ﴿فَجَمَعَ كَيْدَهُ﴾ أي جمع سحرته الذين ظن أنهم يستطيعون كيد موسى
﴿قَالَ لَهُمْ مُّوسَى وَيْلَكُمْ﴾ أي جعل الله تعالى الويل والعذاب لكم ﴿فَيُسْحِتَكُم﴾ يهلككم
﴿فَتَنَازَعُواْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ﴾ قال بعض السحرة للبعض الآخر: إن كان موسى ساحراً غلبناه. وإن كان أمره من السماء غلبنا ﴿وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى﴾ أي تشاوروا في السر متناجين. قال بعضهم: ما هذا بقول ساحر
﴿قَالُواْ﴾ أي قال فرعون وشيعته للسحرة الذين جمعهم، أو قال السحرة لبعضهم ﴿إِنْ هَذَانِ﴾ يقصدون موسى وهرون ﴿لَسَاحِرَانِ﴾ أي ما هذان إلا ساحران ﴿وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى﴾ أي بعبادتكم الحسنة
﴿فَأَجْمِعُواْ كَيْدَكُمْ﴾ أي أحكموا أمركم واستعدوا لعدوكم ﴿ثُمَّ ائْتُواْ صَفّاً﴾ مجتمعين متساندين ليحصل لموسى وهرون الرعب، ويدب في نفسيهما الخوف ﴿وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى﴾ غلب وفاز. فجاءوا صفاً كما أمرهم فرعون، و ﴿قَالُواْ يمُوسَى إِمَّآ أَن تُلْقِيَ﴾ سحرك، أو عصاك؛ وذلك لأنهم كانوا قد سمعوا بها
﴿قَالَ بَلْ أَلْقُواْ﴾ أنتم أولاً. فألقوا ما معهم من الحبال والعصي
﴿فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا﴾ حيات ﴿تَسْعَى﴾ تمشي وتتحرك
﴿فَأَوْجَسَ﴾ أحس ﴿فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى﴾ أي لم يبد عليه الخوف؛ بل كان
-[٣٨٢]- إحساساً كامناً في نفسه


الصفحة التالية
Icon