﴿أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ﴾ أي قالوا: أهذا الذي يذكر آلهتكم بسوء ﴿وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ﴾ يتعجبون من ذكرك لآلهتهم بالسوء؛ وهي لا تعقل، ولا تنفع، ولا تضر؛ ويكفرون بالرحمن - عند ذكره - وهو الخالق الرازق، النافع الضار، السميع العليم
﴿خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ﴾ أي إن الإنسان لكثرة تعجله؛ كأنه خلق من عجل. وقيل: المراد بالإنسان: آدم عليه السلام؛ وأنه أراد أن يثب قبل أن تبلغ الروح رجليه: تعجلاً إلى ثمار الجنة. وقيل: «خلق الإنسان من عجل» أي من تعجيل في خلق الله تعالى إياه. والمراد بذلك: أن هذا الإنسان العجيب الخلقة، المحكم الصنع: لم يحتج إلى وقت في خلقته وصنعه؛ بل خلقه الله تعالى على عجل: بغير روية، ولا مثال ﴿سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي﴾ الدالة على قدرتي ووحدانيتي ﴿فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ﴾ بإنزال العذاب الموعود
﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ﴾ بالقيامة والثواب والعقاب
﴿حِينَ لاَ يَكُفُّونَ﴾ وقت لا يمنعون ويدفعون
﴿بَلْ تَأْتِيهِم﴾ الساعة ﴿بَغْتَةً﴾ فجأة ﴿فَتَبْهَتُهُمْ﴾ تدهشهم وتحيرهم ﴿وَلاَ هُمْ يُنْظَرُونَ﴾ يمهلون
﴿فَحَاقَ﴾ فنزل ﴿مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤونَ﴾ أي جزاءه وعقابه
﴿قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم﴾ يحفظكم ﴿مِّنَ الرَّحْمَنِ﴾ من عذابه وبطشه إن أراد تعذيبكم والبطش بكم ﴿وَلاَ هُمْ مِّنَّا يُصْحَبُونَ﴾ يجارون؛ كما يجير الصاحب صاحبه
﴿بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلاءِ﴾ المكذبين لك متعنا ﴿آبَآءَهُمُ﴾ بما أسبغناه عليهم من سعة ورزق وفير
-[٣٩٣]- ﴿حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ﴾ في النعمة؛ وظنوا أنهم جديرون بها، وأنها لا تزول عنهم؛ فاغتروا بذلك، وانصرفوا عن الإيمان، وأعرضوا عن تدبر الحجج والآيات ﴿أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ﴾ أي أرض الكفار ﴿نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَآ﴾ بتمليك المسلمين لها ﴿أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾ أم أنت؛ وقد أظهرك الله تعالى عليهم، وأعزك وأذلهم


الصفحة التالية
Icon