﴿ذلِكَ﴾ المذكور: من قدرة الله تعالى على إنشاء الإنسان أصلاً من تراب، ثم من نطفة؛ ثم تطور النطفة إلى علقة، ثم مضغة؛ ثم إخراجه طفلاً، ثم إنهاء أجله على الصورة التي يريدها الله تعالى له - صغيراً، أو كبيراً، أو بالغاً أرذل العمر - ثم قدرته جل شأنه، وعلا سلطانه؛ على إنزال الماء من السماء على الأرض اليابسة، واهتزازها، وانشقاقها عن أصناف النبات: البهيج المنظر والمخبر؛ كل «ذلك» يدل دلالة قاطعة على أنه تعالى
﴿هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ﴾ كما أنشأ الخلق ابتداء، وأماتهم ﴿يُحْيِي الْمَوْتَى﴾ ويبعثها يوم القيامة للحساب والجزاء؛ فتعالى الله الخالق ما يريد، الفاعل ما يشاء
﴿ثَانِيَ عِطْفِهِ﴾ أي لاوياً عنقه: كبراً وخيلاء، أو معرضاً عن ذكر الله تعالى ﴿وَأَنَّ اللَّهَ﴾ في إحيائه وإماتته، ومحاسبته ومعاقبته ﴿لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلعَبِيدِ﴾ ولكن العبيد ﴿كَانُواْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾
﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ﴾ على طرف؛ أي يعبد الله شاكاً في وجوده، أو شاكاً في إحيائه، أو شاكاً في جزائه ﴿فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ﴾ غنى وصحة ﴿اطْمَأَنَّ بِهِ﴾ وسكن إليه ﴿وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ﴾ شر وبلاء وفقر
-[٤٠٢]- ﴿انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ﴾ رجع إلى كفره: يائساً من رحمة الله تعالى؛ وبذلك يكون قد ﴿خَسِرَ الدُّنْيَا﴾ بفوات ما أمله فيها، وأراده منها خسر ﴿الآخِرَةَ﴾ لأن الله تعالى لم يعدها إلا للمتقين؛ و ﴿ذلِكَ﴾ الخسران ﴿هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾ الواضح؛ الذي لا خسران بعده