﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ﴾ شديد الخيانة والكفر
﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ﴾ أي أذن للمؤمنين الذين يقاتلون: أن يقاتلوا من يقاتلونهم؛ وذلك ﴿بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ﴾ وقوتلوا ابتداء واعتداء؛ وهم
﴿الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم﴾ مكة؛ ظلماً وعدواناً ﴿بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُواْ﴾ أي أخرجوا بغير ما سبب؛ سوى قولهم ﴿رَبُّنَا اللَّهُ﴾ وحده، لا إله غيره، ولا نعبد سواه
بعد أن بيّن تعالى مساوىء القتال الظالم، الغير المتكافىء، والقائم على الإثم والضلال: عرفنا أن الحروب والقتال: ليست شراً كلها؛ بل منها ما يقوم بسبب مشروع: يؤجر المرء ويثاب عليه. قال تعالى: ﴿وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ﴾ أي لولا ما شرعه الله تعالى لأنبيائه والمؤمنين من عباده؛ من قتال أعدائه: أعداء الدين؛ لشاعت الفوضى، وعمت الإباحية؛ و ﴿لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ﴾ جمع صومعة؛ وهي مكان العبادة. وهي للنصارى كالخلوة عند متعبدي المسلمين لهدمت ﴿بَيْعٌ﴾ وهي كنائس النصارى ﴿وَصَلَوَاتٌ﴾ كنائس اليهود ﴿وَمَسَاجِدُ﴾ المسلمين. وكلها معابد: واجب العناية بها، والاحترام لها؛ وذلك لأنها جميعاً ﴿يُذْكَرُ فِيهَا اسمُ اللَّهِ كَثِيراً﴾ بالعبادة ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ﴾ أي من ينصر دينه، ويدفع عن أوليائه؛ لأنه تعالى لا يحتاج إلى نصرة أحد، والكل مفتقر إلى نصرته وهذه الآية الكريمة خاصة بالحروب، وحاجة الكون إليها، وأنها ضرورة من ضرورات الحياة، ولازمة من لوازم العمران. (انظر آية ٢٥١ من سورة البقرة)
﴿الَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ﴾ أي جعلنا لهم مكانة فيها وسلطاناً ﴿وَعَادٌ﴾ قوم هود ﴿وَثَمُودُ﴾ قوم صالح
﴿وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ﴾ قوم شعيب ﴿فَأمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ﴾ أمهلتهم ﴿ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ﴾ بالعذاب والاستئصال ﴿فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ إنكاري عليهم ما فعلوه، وتغييري؛ حيث أبدلتهم مكان الأمن خوفاً، ومكان الراحة تعباً، ومكان النعم نقماً
﴿فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ﴾ فكم من قرية
-[٤٠٧]- ﴿أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ﴾ أي أهلكناها بسبب كفرها ﴿وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ﴾ أي وكم من بئر متروكة لا ينتفع بها؛ بسبب هلاك أهلها وإفنائهم كم من عظيم ﴿مَّشِيدٍ﴾ رفيع طويل متين


الصفحة التالية
Icon