﴿وَهُوَ﴾ جل شأنه ﴿الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ﴾ الذي به تسمعون ﴿وَالأَبْصَارَ﴾ التي بها تبصرون ﴿وَالأَفْئِدَةَ﴾ التي بها تعقلون؛ فما لكم لا تسمعون النصح، ولا تبصرون الحق، ولا تعقلون الهدى و ﴿قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ﴾ أي لا تشكرون البتة
﴿وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ﴾ خلقكم ﴿وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ يوم القيامة؛ فيؤاخذكم بما كنتم تعملون في الدنيا
﴿وَلَهُ اخْتِلاَفُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾ بالزيادة والنقصان؛ وذلك بفعله سبحانه وتعالى؛ ليقيم بنفسه الدليل على وجوده
﴿بَلْ قَالُواْ مِثْلَ مَا قَالَ الأَوَّلُونَ﴾ أي أنكروا البعث مثل إنكارهم؛ وذلك لأن الأولين
﴿قَالُواْ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا﴾ صرنا في قبورنا ﴿تُرَاباً وَعِظَاماً﴾ نخرة ﴿أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ﴾ لمعادون إلى الحياة؟ لا نظن حدوث ذلك
﴿لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَآؤُنَا هَذَا﴾ البعث ﴿مِن قَبْلُ إِنْ هَذَآ﴾
الوعد ﴿إِلاَّ أَسَاطِيرُ﴾ أكاذيب وأباطيل ﴿الأَوَّلِينَ﴾ المتقدمين
﴿قُلْ﴾ يا محمد لهؤلاء المكذبين، واسألهم ﴿لِّمَنِ الأَرْضُ﴾ من خلقها، ومن يملكها ﴿وَمَن فِيهَآ﴾ من المخلوقات؟ ﴿إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ خالقها ومالكها
﴿سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ﴾ ما دام الله هو مالكها؛ فما بالكم لا تؤمنون به؟ وما دام الله هو خالقها «ومن فيها» فكيف لا يستطيع إعادتها بمن فيها؟ ﴿أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ﴾ أفلا تتذكرون ذلك فتؤمنون
﴿قُلْ﴾ لهم أيضاً مبالغة في إقامة الحجة عليهم ﴿مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ﴾ وما فيهن من أفلاك، ومن بهن من أملاك ﴿وَرَبُّ الْعَرْشِ﴾ الملك ﴿الْعَظِيمِ﴾ الذي لا يحد، ولا يوصف؟
﴿سَيَقُولُونَ لِلَّهِ﴾ وقرأ أبو عمرو «سيقولون الله» وهي القراءة المثلى؛ لملاءمتها للسياق ﴿قُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ﴾ من هذا شأنه، وهذا سلطانه؟
﴿قُلْ مَن بِيَدِهِ﴾ وتحت أمره وتصرفه ﴿مَلَكُوتُ﴾ ملك ﴿كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجْيِرُ﴾ من استجار به؛ فيحميه مما يؤذيه، ويدفع عنه ما يخشاه ﴿وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ﴾ أي ولا يستطيع أحد أن يمنع السوء عمن أراد الله تعالى إنزاله به
﴿سَيَقُولُونَ لِلَّهِ﴾ وقرأ أبو عمرو أيضاً «سيقولون الله» وهو أنسب للمقام؛ كما قدمنا ﴿قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ﴾ أي فكيف تخدعون، وتصرفون عن الحق الواضح الظاهر؟