﴿وَلَوْلا﴾ وهلا ﴿إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَّا يَكُونُ لَنَآ﴾ ما يصح ولا يجوز لنا ﴿أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا﴾ أن نتهم أحداً ظلماً؛ بغير دليل ولا بينة
﴿سُبْحَانَكَ﴾ يا ألله؛ تنزهت وتعاليت عن كل قبيح ﴿هَذَا بُهْتَانٌ﴾ زور وباطل ﴿عَظِيمٌ﴾ كبير
﴿يَعِظُكُمُ اللَّهُ﴾ ينهاكم ﴿أَن تَعُودُواْ لِمِثْلِهِ﴾ أن تقعوا فيما وقعتم فيه
﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ﴾ أن تذيع ظلماً وزوراً وبهتاناً ﴿فِي الَّذِينَ آمَنُواْ﴾ وليس معنى ذلك أن يتستر الإنسان على ما ظهر من الفواحش وبدا للعيان؛ فذلك واجب المنع بكل لسان، والمحاربة بكل سنان؛ وهو يدخل في باب تغيير المنكر؛ الذي هو إحدى مراتب الإيمان وهذا بعيد كل البعد عمن يتسقط النبأ، فيذيعه على الملأ؛ فأولئك ﴿لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا﴾ بالجلد، والخزي، وسقوط العدالة، وعدم قبول الشهادة ﴿وَالآخِرَةِ﴾ بغضب الرحيم، وبالعذاب الأليم
﴿وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾ اللعين ﴿فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَآءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ وكل صديق سوء أمر بمنكر، وزين معصية: فهو في حكم الشيطان؛ بل هو شر منه؛ ويجب اجتنابه والابتعاد عنه ﴿مَا زَكَا﴾ ما طهر ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَآءُ﴾ يطهر من أراد من دنس الفحش، وذل العصيان
﴿وَلاَ يَأْتَلِ﴾ ولا يقصر. وقرأ أبو جعفر «ولا يتأل» أي ولا يحلف ﴿أُوْلُواْ الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ﴾ الغنى ﴿أَن يُؤْتُواْ أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ﴾ أي لا يقصر، ولا يحلف هؤلاء ألا يؤتوا الفقراء من أموالهم؛ لذنب جنوه، أو إثم ارتكبوه. قيل: نزلت هذه الآية حينما أقسم كثير من الصحابة - ومنهم أبو بكر - رضي الله تعالى عنهم؛ ألا يعطوا بعض من خاض في الإفك من الفقراء الذين كانوا يعطونهم. فلما نزل قوله تعالى: ﴿وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُواْ أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ قال أبو بكر: بلى؛ أنا أحب أن يغفر الله لي وأعاد ما كان يجريه على الفقراء الذين جاءوا بالإفك. وقد أراد الله تعالى أن يحفز السامع إلا ملازمة الصفح والعفو؛ بقوله:
﴿أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ أي حيث إنكم تحبون الغفران، وتطلبونه من الديان؛ فلم لا تغفرون للإخوان، وتصفحون عما كان؟ وفي قصة الإفك، وما أعقبها: دليل على وجوب إعطاء الفقير ولو عصى، والمسكين ولو أثم إذ أن مقياس العطاء: الحاجة؛ فإذا ما استوى فيها التقي والشقي: وجب تقديم الأول على الثاني


الصفحة التالية
Icon