﴿يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ﴾ أي يوفيهم جزاءهم الذي يستحقونه على أفعالهم
﴿الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ﴾ أي إن الخبيثات لا يرغب فيهن إلا الخبيثون. والآية مبنية على قوله تعالى: ﴿الزَّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً﴾ لأن الخبيثات والخبيثين: هم الزواني ﴿وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ﴾ وهم العفائف؛ فلا يجوز أن يتزوج عفيف إلا عفيفة مثله، ولا أن تتزوج عفيفة إلا عفيفاً مثلها. وهذه هي سنة النفوس الفاضلة، والخلق الكامل هذا ولم تخرج أوامره تعالى، وإرشاداته لخلقه عن أسمى الأخلاق التي تصبو إليها الإنسانية، وتنتظم بها الأسر: فلا يختلط الخبيث بالطيب، ولا يدنس العفيف نفسه بمخالطة البغي، ولا تنزل العفيفة إلى درك الزاني الفاجر ﴿أُوْلَئِكَ﴾ الطيبون والطيبات ﴿مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ﴾ أي مما يقوله فيهم الخبيثون والخبيثات، الوالغون في الأعراض، الطاعنون في الكرامات
﴿يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُواْ﴾ يعلمنا ربنا سبحانه وتعالى آداب الزيارة، وكيف أننا لا نلج بيتاً قبل أن نستأذن أهله في دخوله، ونأنس بهم، ويأنسوا بنا. وانظر - يا من تتوهم أن الحضارة والرقة نأخذهما عن الغربيين - إلى أي حد يعلمنا مربينا تعالى، وإلى أي مدى يؤدبنا قرآنه الكريم، وكتابه الحكيم؛ فيحسن تأديبنا وتربيتنا
﴿فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ فِيهَآ أَحَداً﴾ من أهلها تستأذنونه وتستأنسون به ﴿فَلاَ تَدْخُلُوهَا﴾ وسواء كانت البيوت مفتوحة الأبواب، أو مغلقتها؛ فقد أغلقها الله تعالى بتحريم دخولها؛ وجعل مفتاحها الإذن من قاطنها، أو مالكها؛ و
﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ﴾ إثم؛ في ﴿أَن تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ﴾ أي غير معدة للسكن الخاص ﴿فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ﴾ وهو كل ما يتمتع به: من إيواء، واتقاء حر أو برد أو هي البيوت المستعملة لخزن البضائع وما شاكلها ويجوز أن يدخل في عموم ذلك الفنادق
﴿قُلْ لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ﴾ أي لا يتطلعوا بأبصارهم إلى النساء؛ لأن البصر رائد القلب؛ بل هو بريد الزنا؛ بل هو مجلبة لانطماس القلب وغضب الرب فانظر - كفاك الله كيد نفسك وشيطانك - أين تضع بصرك قال الشاعر:
وطرفك إن أرسلته لك رائداً
لقلبك يوماً: أتعبتك المناظررأيت الذي لا كله أنت قادر
عليه، ولا عن بعضه أنت صابر


الصفحة التالية
Icon