﴿وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾ المراد بالزينة: مواضعها كالجيد، والمعصم، والساق، وما شاكلها، أو المراد نفس التزين: كالاكتحال، وتخضيب الكفين، ووضع المساحيق على الوجه، وتلوين الشفتين، وما أشبه ذلك ﴿إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ أي إلا المقدار الذي لا يمكن إخفاؤه: كالوجه والكفين؛ بغير زينة، ولا خضاب ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ أي وليضعن ما يتلفعن به على صدورهن؛ والجيب: فتحة الثوب مما يلي العنق؛ ومنه قوله تعالى لنبيه موسى عليه الصلاة والسلام ﴿وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ﴾ ﴿وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾ الخفية؛ وهي ما عدا الوجه والكفين، أو هو كل ما يستحب رؤيته من المرأة، وما يجذب أبصار الرجال إليها؛ فكل ذلك حرام إبداؤه ﴿إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ﴾ أزواجهن؛ الذين تملكوهن بكلمة الله ولا يحل لامرأة تؤمن ب الله واليوم الآخر أن تبدي زينتها إلا لبعلها الذي أحلها الله تعالى له، أو لمحرم ممن ذكرهم الله جل شأنه في هذه الآية. وقد ذهب كثير من العلماء إلى حرمة كشف الوجه - إذا خيفت الفتنة - وذلك لأن الزينة منها ما هو خلقي: كالوجه، وما هو كسبي: كالثياب، والحلي، والكحل، والمساحيق، والأصباغ ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ﴾ من الإماء دون العبيد؛ ولو كانوا خصياناً ﴿أَوِ التَّابِعِينَ﴾ كالخدم، أو الفقراء؛ الذين يتبعونكم لأجل إطعامهم والتصدق عليهم؛ بشرط أن يكونوا من ﴿غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ﴾ وهم الذين ليس لهم مأرب في النساء: كالشيوخ الصلحاء، والمجبوبين؛ ومن شابههما ﴿وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ﴾ أي ليسمع صوت الخلخال
﴿وَأَنْكِحُواْ﴾ زوجوا ﴿الأَيَامَى﴾ جمع أيم؛ وهي من ليست بذات زوج: بكراً كانت، أو ثيباً؛ ويطلق الأيم على الذكر والأنثى ﴿وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ﴾
أي المسلمين من العبيد والإماء
﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً﴾ أي لا يستطيعون الزواج لفقرهم؛ والاستعفاف: الابتعاد عن الزنا، ومواطنه، وأسبابه، ومقدماته؛ ومدافعة الرغبة بالصوم؛ قال: «من استطاع الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإن الصوم له وجاء»
-[٤٢٨]- ﴿وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ﴾ يطلبون المكاتبة: وهم العبيد يكاتبون مواليهم على أداء شيء معلوم؛ يتحررون بعد أدائه ﴿وَلاَ تُكْرِهُواْ فَتَيَاتِكُمْ﴾ بناتكم، أو إمائكم، أو من تقومون بأمورهن مقام الولي والكفيل ﴿عَلَى الْبِغَآءِ﴾ الزنا؛ بتركهن بدون تزويج ﴿إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً﴾ تعففاً؛ بالزواج الحلال الطيب هذا وقد دأب أكثر الناس اليوم على التباطىء في تزويج بناتهم تباطؤاً أدى إلى الوقوع في الموبقات؛ بحجة عدم صلاحية طالب الزواج تارة، وبالتغالي في المهور تارة أخرى؛ مما يؤدي إلى الانصراف عن الفتيات، والرغبة عنهن، مكان الرغبة فيهن وفي هذا ما فيه من الانحراف، عن الاستعفاف، فليبادر من يتق الله تعالى إلى تزويج بناته؛ متى وجد الكفء لهن، الراغب فيهن، الحافظ لأعراضهن
وقيل: إنهم كانوا يكرهونهن على البغاء، لاجتلاب الرخاء؛ كما يفعل بعض من أعمى الله تعالى بصائرهم، وطمس على قلوبهم؛ وساقهم الشيطان إلى مهاوي الضلال، ومهامه الرذيلة ﴿وَمَن يُكْرِههُنَّ فِإِنَّ اللَّهِ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ﴾ لهن ﴿رَّحِيمٌ﴾ بهن ﴿مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْاْ﴾ مضوا


الصفحة التالية
Icon