﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ من ملك وإنس وجن ﴿وَالطَّيْرُ صَآفَّاتٍ﴾ باسطات أجنحتهن بين السموات والأرض؛ فصار التسبيح شاملاً لما في السموات والأرض وما بينهما ﴿كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ﴾ أي قد علم الله تعالى صلاتهم وتسبيحهم، أو «كل قد علم» كيف يصلي، وكيف يسبح. (انظر آية ٤٤ من سورة الإسراء)
﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي﴾ يسوق ﴿سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ﴾ يضم بعضه إلى بعض؛ بعد أن كان متفرقاً ﴿ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً﴾ متراكماً؛ بعضه فوق بعض ﴿فَتَرَى الْوَدْقَ﴾ المطر. وقيل: البرق ﴿يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ﴾ أي من ثنايا السحاب ﴿فَيُصِيبُ بِهِ﴾ أي بالبرد النازل من السماء ﴿مَن يَشَآءُ﴾ معاقبته: فيتلف به زرعه، ويهلك ضرعه ﴿يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ﴾ أي لمعان برق ذلك السحاب المزجي المتراكم ﴿يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ﴾ يعميها فلا ترى شيئاً
﴿يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ﴾ يأتي بأحدهما مكان الآخر، أو ينقص من أحدهما ويزيد في الآخر
﴿وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٍ مِّن مَّآءٍ﴾ أي من نطفة؛ وذلك لأنها سائلة، وأغلبها ماء. والدابة: كل ما يدب على وجه الأرض من إنسان، أو حيوان أو طير، ونحوه. والدابة إجمالاً: كل مخلوق تدب فيه الحياة. حتى الطير فإنه يخلق من البيضة؛ والبيضة محتوية على ماء الذكر حتماً؛ وإلا فهي غير معدة للإنتاج. وبذلك اقتضت حكمة الحكيم
﴿فَمِنْهُمْ﴾ أي من الدواب ﴿مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ﴾ كالثعبان ﴿وَمِنهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ﴾ كالإنسان، والطائر ﴿وَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ﴾ كالأنعام والحيوان ﴿يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَآءُ﴾ كما شاء ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ﴾ أراده ﴿قَدِيرٌ﴾ على إيجاده؛ وإنما هي أسباب سببها، وأمور رتبها؛ وقد خلق تعالى كل شيء ابتداء من غير ماء ولا نطفة، وسيعيده انتهاء من غير سبب؛ فتعالى الخالق، وجل المبدع المصور
﴿لَّقَدْ أَنزَلْنَآ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ﴾ حجج واضحات: هي آيات القرآن الكريم ﴿وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَى صِرَاطٍ﴾ طريق ﴿مُّسْتَقِيمٍ﴾ هو طريق الإسلام؛ الموصل إلى الجنة
﴿وَيِقُولُونَ﴾ أي يقول المنافقون ﴿ثُمَّ يَتَوَلَّى﴾ يعرض ﴿لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ﴾ فيما عرض لهم من خلاف


الصفحة التالية
Icon