﴿إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مُّعْرِضُونَ﴾ عن هذه الحكومة يأبونها لأن الحق قد جانبهم، والصواب قد باعدهم؛ ولأن الرسول لا يقول إلا حقاً، ولا ينطق إلا صدقاً
﴿وَإِن يَكُنْ لَّهُمُ الْحَقُّ﴾ أي في جانبهم ﴿يَأْتُواْ إِلَيْهِ﴾ أي إلى الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لعلمهم أنه سيحكم لهم؛ ما دام الحق معهم ﴿مُذْعِنِينَ﴾ طائعين مسرعين
﴿أَفِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ﴾ المراد بالمرض: الرغبة في اغتيال الحقوق؛ أو المراد به الكفر ﴿أَمِ ارْتَابُواْ﴾ شكوا في صدقه ونبوته ﴿أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ﴾ يجور ويظلم ﴿بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ الكافرون
﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ أي الواجب على من يتصف بالإيمان
﴿وَأَقْسَمُواْ بِاللَّهِ﴾ أي أقسم المنافقون ﴿جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾ غايتها ونهايتها ﴿لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ﴾ بالخروج للجهاد ﴿لَيَخْرُجُنَّ﴾ معك ﴿قُل لاَّ﴾ حينما يقسمون لك، ويجهدون أنفسهم في خداعك ﴿تُقْسِمُواْ طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ﴾ أي إن مبلغ طاعتكم وانقيادكم معروف لنا أيها المنافقون، وقد أطلعنا الله تعالى على ما في قلوبكم ﴿إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ من طاعة باللسان، ومخالفة بالجنان
﴿فَإِن تَوَلَّوْاْ﴾ تتولوا؛ أي فإن تعرضوا ﴿فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ﴾ من التبليغ إليكم؛ وقد بلغ ﴿وَعَلَيْكُمْ مَّا حُمِّلْتُمْ﴾ من وجوب الإيمان والطاعة؛ وقد كفرتم وعصيتم
﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ﴾ وهو أمر ظاهر: فقد تم للمؤمنين فتح فارس والروم، ودانت لهم البلاد والعباد ﴿كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ يعني بني إسرائيل: أهلك الله تعالى الجبابرة بمصر والشام؛ وأورثهم أرضهم وديارهم
-[٤٣٢]- ﴿وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ﴾ وأي تمكين أكثر من أن شاع الإسلام وذاع، وملأ الأراضي والبقاع، ولم تبق بقعة على وجه الأرض تخلو من الإسلام والمسلمين؛ رغم محاربة الكافرين، ومعاداة المضلين ﴿وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً﴾ فقد كان السائر في الجاهلية لا يستطيع أن يمشي بضع خطوات؛ مطمئناً على نفسه، أو ماله؛ فجاء الإسلام فأحل الوئام مكان الخصام، والوفاق مكان الشقاق، والحب مكان الكراهية، والعطف والحنان مكان البغض والحقد ﴿وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ الخارجون على ربهم


الصفحة التالية
Icon