﴿انظُرْ﴾ يا محمد ﴿كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ الأَمْثَالَ﴾ فوصفوك بالمسحور، والمحتاج إلى مال ينفقه، وإلى ملك يؤيده؛ وهذه الأمثال التي ضربوها، والأكاذيب التي اخترعوها؛ ما أرادوا بها إلا التوصل إلى تكذيبك، والحط من شأنك ﴿فَضَلُّواْ﴾ عن الهدى ﴿فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً﴾ إلى الإيمان؛ وكيف يهديهم الله تعالى وقد ضلوا وأضلوا ﴿وَأَعْتَدْنَا﴾ أعددنا وهيأنا
﴿سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً﴾ غلياناً؛ كما يغلي صدر المغضب المغيظ ﴿وَزَفِيراً﴾ صوتاً شديداً. أو المعنى: رأوا لها تغيظاً، وسمعوا لها زفيراً؛ لأن التغيظ لا يسمع؛ أو هو وصف لخزنتها
﴿وَإَذَآ أُلْقُواْ مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً﴾ أي إذا ألقوا في مكان ضيق منها؛ وجهنم تضيق على وارديها - رغم سعتها، وقولها ﴿هَلْ مِن مَّزِيدٍ﴾ - ليكون ذلك الضيق من جملة العقاب الواقع بهم ﴿مُّقَرَّنِينَ﴾ مسلسلين في الأغلال؛ قرنت أيديهم وأرجلهم ﴿دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُوراً﴾ أي هلاكاً؛ كقول المصاب: وامصيبتاه؛ فيقال لهم:
﴿لاَّ تَدْعُواْ الْيَوْمَ ثُبُوراً وَاحِداً وَادْعُواْ ثُبُوراً كَثِيراً﴾ لأن الهلاك قد أحاط بكم من كل جانب
﴿قُلْ﴾ للمشركين يا محمد - بعد وصف ما أعده الله تعالى لهم من عذاب أليم - ﴿أَذلِكَ﴾ العذاب ﴿خَيْرٌ﴾ لمن يحل به ﴿أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وَعِدَ الْمُتَّقُونَ﴾ بها، وأعدها الله تعالى لهم ﴿كَانَتْ لَهُمْ جَزَآءً﴾ ثواباً على أعمالهم ﴿وَمَصِيراً﴾ مرجعاً يصيرون إليه؛ فضلاً من ربهم ورضواناً
﴿كَانَ﴾ ذلك الجزاء ﴿وَعْداً﴾ وعده الله تعالى عباده المتقون ﴿مَّسْئُولاً﴾ يسأله من وعد به: «ربنا وآتنا ما وعدتنا» ويسأله الملائكة «ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم»
﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ﴾ أي يحشر المشركين ﴿وَمَا يَعْبُدُونَ﴾ من الأصنام، أو من الملائكة، والإنس والجن ﴿فَيَقُولُ﴾ تعالى للمعبودين
﴿قَالُواْ﴾ أي الأصنام؛ ينطقها الله الذي أنطق كل شيء. أو المراد بما يعبدون: ما يعقل: كالملائكة، وعيسى، وعزير ﴿سُبْحَانَكَ﴾ تعاليت وتقدست عما قالوا، وما فعلوا (انظر آية صلى الله عليه وسلّم من سورة الإسراء) ﴿مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَآ﴾ ونحن المعبودون لهم نواليهم ونركن إليهم؛ فكيف نضلهم، ونطلب منهم أن يعبدونا من دونك؟ ﴿وَلَكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَآءَهُمْ﴾ بسعة الرزق، وطول العمر
-[٤٣٧]- ﴿حَتَّى نَسُواْ الذِّكْرَ﴾ تركوا شكر نعمتك؛ حتى استوجبوا نقمتك ﴿وَكَانُواْ قَوْماً بُوراً﴾ هلكى؛ أو هو كالأرض البور: الفاسدة التي لا تجود بالنبات