﴿إِنَّا نَطْمَعُ﴾ بإيماننا وإنابتنا ﴿أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَآ﴾ التي ارتكبناها حال كفرنا ﴿أَنْ﴾ أي بأن ﴿كُنَّآ أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ﴾
من شيعتك
﴿وَأَوْحَيْنَآ إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي﴾ أي سر بهم ليلاً ﴿إِنَّكُم مّتَّبِعُونَ﴾ سيتبعكم فرعون وجنوده؛ بقصد إهلاككم والقضاء عليكم
﴿فَأَرْسَلَ فِرْعَونُ فِي الْمَدَآئِنِ﴾ التابعة له ﴿حَاشِرِينَ﴾ جامعين لقوات جيشه؛ قائلاً لهم
﴿إِنَّ هَؤُلاءِ﴾ يقصد موسى ومن آمن معه ﴿لَشِرْذِمَةٌ﴾ طائفة قليلة
﴿وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَآئِظُونَ﴾ اعترف عدو الله بالخزي والذلة؛ وأن المؤمنين قليلون؛ غير أنهم له غائظون وسيرى يوم القيامة الذل الأكبر، والخزي الأعظم، والغيظ الأعم؛ حين يقدم قومه يوم القيامة؛ فيوردهم النار، وبئس الورد المورود
﴿حَاذِرُونَ﴾ متيقظون
﴿فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِّن جَنَّاتٍ﴾ بساتين ﴿وَعُيُونٍ﴾ أنهار جارية؛ ظاهرة للعيان
﴿وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ﴾ المقصود بها أرض مصر؛ ولا يخفى ما اكتشف فيها حتى الآن من الكنوز الزاخرة التي خلفتها الفراعنة. والمراد بالمقام الكريم: الدور الرفيعة، والقصور المشيدة؛ التي كانوا يقيمون فيها، ويمرحون في جنباتها
﴿وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ أي ملكنا بني إسرائيل مصر وما فيها من ﴿جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ﴾ بعد إغراق فرعون وقومه
﴿فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ﴾ أي وقت شروق الشمس أو توجهوا جهة المشرق
﴿فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ﴾ أي رأى كل فريق منهما الآخر ﴿قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾ أي سيدركنا حتماً فرعون وأصحابه، ويقضون علينا
﴿قَالَ﴾ موسى مطمئناً لوعد ربه بإنجائه ﴿كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي﴾ بعونه وإرشاده ﴿سَيَهْدِينِ﴾ إلى ما ينجيني. وحين وثق موسى بربه وتأكد من نصرته ومعونته: أمده الله تعالى بالقوى التي لا تقاوم، وبالنصر المؤزر الذي لا يدافع؛ وأوحى ربه إليه
﴿أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ﴾ فضربه ﴿فَانفَلَقَ﴾ الماء عن الأرض اليابسة ﴿فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ﴾ كالجبل
﴿وَأَزْلَفْنَا﴾ قربنا ﴿ثُمَّ﴾ هناك ﴿الآخَرِينَ﴾ فرعون وقومه
﴿وَأَنجَيْنَا مُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ﴾ بمرورهم على الأرض؛ بعد انحسار الماء عنها
﴿ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ﴾ لأنهم تبعوا موسى في الطريق الذي سار فيه؛ فأمر الله تعالى البحر فأطبق عليهم؛ فأغرقهم عن آخرهم
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ الإنجاء والإهلاك ﴿لآيَةً﴾ لعبرة لمن يعتبر
﴿قَالُواْ نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ﴾ أي على عبادتها مداومين
﴿فَإِنَّهُمْ﴾ أي الأصنام التي تعبدونها ﴿عَدُوٌّ لِي﴾ لا أعبدهم مثلكم، ولا أواليهم ﴿إِلاَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾ فإني أعبده؛ لأنه خالقي ومالكي ورازقي؛ وهو السميع العليم. النافع الضار
﴿وَالَّذِي أَطْمَعُ﴾ أرجو ﴿أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ﴾ يوم الجزاء؛
-[٤٤٩]- وهو يوم القيامة. واستغفار الأنبياء عليهم الصلاة والسلام: تواضع منهم لربهم، وتعليم لأممهم؛ أو هو لذنوب سلفت منهم قبل اختيارهم، واضطلاعهم بمهام الرسالة؛ وخطاياهم - إن صح أن لهم خطايا - لا تعدو الصغائر المعفو عنها؛ إذ أنهم عليهم الصلاة والسلام معصومون عن الكبائر حتماً


الصفحة التالية
Icon