﴿وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ﴾ امتحاناً لهم، ودرءاً لصولتهم؛ فعسى أن يكونوا طلاب مال؛ فتشغلهم هديتنا عن إيذائنا ﴿فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ﴾ من أخبارهم
﴿فَلَمَّا جَآءَ﴾ الرسل ﴿سُلَيْمَانُ﴾ ورأى ما يحملون من هدايا، وأموال، وتحف، ونفائس؛ تفوق العد والحصر ﴿قَالَ﴾ لرسل بلقيس ﴿أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَآ آتَانِي اللَّهُ﴾ من الإسلام، والملك، والعلم، والنبوة ﴿خَيْرٌ مِّمَّآ آتَاكُمْ﴾ من المال وحده ﴿بَلْ أَنتُمْ﴾ لا أنا ﴿بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ﴾ والتفت سليمان إلى رئيس وفد بلقيس قائلاً له
﴿ارْجِعْ إِلَيْهِمْ﴾ بهديتهم ﴿فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لاَّ قِبَلَ لَهُمْ بِهَا﴾ أي لا طاقة لهم على مقابلتهم ومقاتلتهم ﴿وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَآ﴾ أي من بلادهم ﴿أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ الصغار: شدة الذل.
ثم التفت سليمان إلى خاصته ووزرائه؛ من الإنس والجن
﴿قَالَ يأَيُّهَا الْمَلأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا﴾ الذي رآه الهدهد، ووصفه لي: ﴿وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ﴾ ﴿مُسْلِمِينَ﴾ طائعين منقادين
﴿قَالَ عِفْرِيتٌ مِّن الْجِنِّ﴾ العفريت: هو القوي، الواسع الحيلة، النافذ الأمر، الشديد الدهاء. و «الجن» المستتر. من جنه الليل: إذا ستره. وجن الليل: ظلمته ﴿قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ﴾ أي من مجلسك هذا
﴿قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ﴾ قيل: إنه ملك سخره الله تعالى لسليمان. وقيل: إنه جبريل عليه السلام. وقيل: هو وزيره آصفبن برخيا؛ وقد كان يعلم اسم الله الأعظم؛ الذي إذا دعى به أجاب، وإذا سئل به أعطى ﴿قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ﴾ أي قبل أن تغمض عينك؛ والمراد به: المبالغة في قرب المدة ﴿لِيَبْلُوَنِي﴾ ليختبرني ﴿أَأَشْكُرُ﴾ على ما أنعم به علي ﴿أَمْ أَكْفُرُ﴾ فأنسى ذلك، وأنسبه لنفسي ولجندي ﴿وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ﴾ عن شكر الشاكرين، وعبادة العابدين ﴿كَرِيمٌ﴾ في عطائه؛ يتفضل على من يشكر، ومن يكفر
﴿قَالَ نَكِّرُواْ﴾ أي غيروا


الصفحة التالية
Icon