﴿إِن رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم بِحُكْمِهِ﴾ يوم القيامة
﴿فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾ وحده؛ ولا تخش أحداً ﴿إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ﴾ الدين الواضح المنجي
﴿إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلاَ تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَآءَ﴾ لما كانوا لا يعون ما يستمعون: شبهوا بالموتى؛ لأن حالهم كحالهم، وشبهوا أيضاً بالصم والعمي؛ لأنهم لا ينتفعون بما يسمعون من الحق، ولا بما يرون من الآيات
﴿وَمَآ أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ﴾ ما تسمع سماع قبول وتفهم ﴿إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا﴾ القرآن ﴿فَهُم مُّسْلِمُونَ﴾ مخلصون؛ لأنهم فتحوا أسماعهم لسماع القرآن، وقلوبهم لفهمه
﴿وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم﴾ أي وقع الغضب، وحق العذاب: وقتئذٍ لا تقبل توبتهم، ولا يفيد استغفارهم. وقد أجمع أهل العلم على أن وقوع القول - المعني في هذه الآية - لا يكون إلا عند انعدام الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر ﴿أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَآبَّةً مِّنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ﴾ كلاماً مفهوماً؛ وحينئذٍ لا يقبل استغفار مستغفر، ولا إيمان طالب. قال: «ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الأرض» وقيل «تكلمهم» أي تجرحهم؛ تؤيده قراءة ابن عباس، والحسن، وغيرهما «تكلمهم» من الكلم؛ وهو الجرح.
وقد اختلفوا في هيئة الدابة، وصفتها، ووقت طلوعها، ومن أين تطلع؛ وتكلموا كلاماً أغرب من الخيال، وأشبه بالمحال؛ ولا حاجة بنا إلى إيراده لأنه بالأساطير أشبه. وقد قيل: إنها فصيل ناقة صالح. وقيل: إنها دابة لها لحية طويلة. وقيل: إنها إنسان كامل عاقل؛ يكلم الناس بالقول الصحيح، والكلام الفصيح، والمنطق البليغ، والحجة القاطعة. وتطلع الدابة - كيفما كان شكلها وصفتها - قبيل القيامة. وقيل: إنها تخرج من مكة؛ فلا يدركها طالب، ولا يفوتها هارب: فتمسح على جبين المؤمن؛ فيصير وضيئاً منيراً، وتخطم الكافر والمنافق؛ فيكون وجهه كالحاً مسوداً وسئل ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: هل «تكلمهم» أو «تكلمهم»؟ فقال: هي والله تكلمهم، وتكلمهم: تكلم المؤمن، وتكلم الكافر والفاجر؛ وتقول لهم: ﴿أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ﴾ وعلى قراءة الفتح يكون المعنى «بأن الناس» وبها قرأ ابن مسعود
﴿فَوْجاً﴾ جماعة ﴿يُوزَعُونَ﴾ يحبس أولهم على آخرهم؛ حتى يجتمعوا؛ ثم يساقون إلى موضع الحساب
﴿وَوَقَعَ الْقَوْلُ﴾ حق العذاب
﴿أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا الْلَّيْلَ لِيَسْكُنُواْ فِيهِ﴾ من السكون. وهو الهدوء، والراحة، والطمأنينة ﴿وَالنَّهَارَ مُبْصِراً﴾ مضيئاً؛ يبصر فيه الإنسان كل شيء، ويتقن كل مصنوع
-[٤٦٧]- ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ﴾ لعظات وعبر


الصفحة التالية
Icon