﴿وَجَآءَ رَجُلٌ﴾ مؤمن ﴿مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ﴾ آخرها؛ بالنسبة لمكان موسى ﴿قَالَ يمُوسَى إِنَّ الْمَلأَ﴾ قوم فرعون ﴿يَأْتَمِرُونَ بِكَ﴾ يتشاورون في أمرك ﴿لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ﴾ من المدينة
﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ﴾ يتوقع لحوق أعدائه به، أو «يترقب» نصرة الله تعالى له
﴿وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَآءَ﴾ ناحية ﴿مَدْيَنَ﴾ هي قرية شعيب عليه السلام؛ وهي خارجة عن حكم فرعون ﴿سَوَآءَ السَّبِيلِ﴾ أي الطريق الصحيح المستوي؛ الموصل للنجاة والخير
﴿وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ﴾ وكانت بئراً يستقون منها ﴿وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً﴾ جماعة ﴿وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ﴾ أي سواهم؛ بعيداً عن الذين يستقون ﴿امْرَأَتَينِ تَذُودَانِ﴾ تمنعان أغنامهما عن ورود الماء ﴿قَالَ مَا خَطْبُكُمَا﴾ ما شأنكما؟ وما الذي دعاكما إلى الابتعاد عن الماء؛ مع حاجتكما إليه؟ ﴿قَالَتَا لاَ نَسْقِي﴾ ولا نزاحم؛ لأن المزاحمة تقتضي الاختلاط بالرجال وملاحقتهم، وهو أمر ينقص من قدر المرأة، ويذهب بحيائها؛ بل ننتظر في مكاننا هذا البعيد عن الماء ﴿حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَآءُ﴾ أي حتى يرجع الرعاة بعد سقيهم؛ وما ألجأنا إلى ذلك إلا انعدام وجود الرجال، الذين يقومون بالأعمال في أسرتنا ﴿وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ﴾ لا يقوى على السعي والسقي. فزاحم موسى، وأخذ غنمهما
﴿فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ﴾ حلت به متاعب الأسفار، وأدركه تعب السعي والسقي؛ فطلب الراحة لنفسه؛ و ﴿تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ﴾ ليرتاح مما لاقاه من المشاق؛ التي لا يحتملها إلا الأنبياء؛ وخواص الأولياء والأصفياء وأحس بالجوع الذي يذيب الجسد، ويفري الكبد ﴿فَقَالَ﴾ مخاطباً مولاه؛ الذي خلقه فسواه، وكلأه ورعاه ﴿رَبِّ إِنِّي لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ﴾ طعام ﴿فَقِيرٌ﴾ محتاج. وقد قال «لما أنزلت» ولم يقل: لما تنزل؛ لتأكده من استجابة ربه له ولتحققه من نزول الخير إليه
﴿فَلَمَّا جَآءَهُ﴾ أي جاء موسى شعيباً عليهما الصلاة والسلام ﴿وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ﴾ قصته مع فرعون، وهروبه من مصر ﴿قَالَ لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ بوصولك إلى «مدين» وهي ليست في ملك فرعون، وليست خاضعة لحكمه


الصفحة التالية
Icon