﴿فَخَسَفْنَا بِهِ﴾ أي بقارون ﴿وَبِدَارِهِ﴾
بما فيها من كنوز، وأموال؛ لم تغن عنه كثرتها ووفرتها؛ وأهلكه الله تعالى، وأذهب حاله، وزينته، وجاهه؛ ولم يبق له في الدنيا سوى الخزي واللعنة، وفي الآخرة الجحيم والعذاب الأليم ﴿فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ﴾ جماعة، أو عصابة ﴿يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ﴾ يمنعون عنه الهلاك الذي قدره له
﴿وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْاْ مَكَانَهُ بِالأَمْسِ﴾ وكانوا يقولون ﴿يلَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِيَ قَارُونُ﴾ أصبحوا يقولون ﴿وَيْكَأَنَّ اللَّهَ﴾ وي: كلمة يقولها النادم لإظهار ندمه ﴿يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾ بإرادته ﴿وَيَقْدِرُ﴾ يقبض ويضيق عمن يشاء بحكمته وليس البسط دليلاً على رضاه، ولا القبض دليلاً على سخطه ﴿لَوْلا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا﴾ بالإيمان والصبر ﴿لَخَسَفَ بِنَا﴾ الأرض؛ كما خسف بقارون ﴿وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾ الذين كفروا بأنعمالله؛ فلم يشكروها. وقنطوا من زوال الشدة، فلم يصبروا عليها
﴿لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً﴾ بغياً وكبراً ﴿وَلاَ فَسَاداً﴾ بارتكاب المعاصي. لأن الطاعة والإحسان: هما الوضع الصحيح الذي يقتضيه النظام الكوني، وتلتزمه الفطر السليمة. أما المعصية والإساءة: فهما خروج عن الطاعة، وفساد للنظام. والمعصية: فساد ﴿وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ﴾ والعاصي: مفسد ﴿وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ ﴿وَالْعَاقِبَةُ﴾ في الدنيا والآخرة ﴿لِلْمُتَّقِينَ﴾ الذين ﴿وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ﴾ ﴿إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ أي جزاءه وعقوبته
﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ﴾ أي أنزله إليك، وكلفك بتبليغه والعمل به ﴿لَرَآدُّكَ إِلَى مَعَادٍ﴾ إلى عود. أي لمعيدك بعد الموت، أو لرادك إلى مكة؛ بعد أن أخرجوك منها. وكانت عودته - عليه الصلاة والسلام - يوم الفتح
﴿وَمَا كُنتَ تَرْجُو﴾ تأمل قبل أن نهبك النبوة ﴿أَن يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ﴾ أن ينزل عليك القرآن ﴿إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ﴾ ولكن الله تعالى أنزله إليك: رحمة منه تعالى بك وبالناس
-[٤٨١]- ﴿فَلاَ تَكُونَنَّ ظَهيراً لِّلْكَافِرِينَ﴾ أي معيناً لهم. والخطاب للرسول عليه الصلاة والسلام - في هذا وأمثاله - وهو أبعد المخلوقين عن مظاهرة الكافرين والمراد به أمته ﴿لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾


الصفحة التالية
Icon