﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ﴾ إذ يعترفون بخلقته، ويكفرون بوحدانيته
﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَآ﴾ وما فيها من زخرف وبهجة ﴿إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ﴾ لا بقاء له، ولا ثمرة فيه ﴿وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ﴾ أي لهي الحياة الحقيقية: الدائمة النعيم، الباقية السرور والحبور؛ الجديرة بأن تسمى حياة
﴿فَإِذَا رَكِبُواْ فِي الْفُلْكِ﴾ في السفن؛ وهاج عليهم البحر العجاج، وتلاطمت بهم الأمواج؛ وظنوا ألا مهرب من الله إلا إليه ﴿دَعَوُاْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ أي صادقين في نيتهم، مخبتين في دعوتهم: فاستجاب ربهم لدعائهم؛ وهو تعالى دائم الاستجابة لمن دعاه، ولو كان عابداً لسواه فتعالى الملك العظيم، البر التواب الرحيم ﴿فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ﴾ وأمنوا الهلاك والإغراق ﴿إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ﴾ بمولاهم، ويكفرون بمن أنجاهم
﴿لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ﴾
من نعمة الإثراء والإنجاء ﴿وَلِيَتَمَتَّعُواْ﴾ بالدنيا وما فيها من نعيم زائل؛ ما هو ﴿إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ﴾ ﴿فَسَوْفَ يَعلَمُونَ﴾ عاقبة أمرهم، ومغبة كفرهم
﴿أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ﴾ أي جعلنا بلدهم حرماً يأمن داخله؛ في حين أن الناس تتخطف من حولهم بالقتل، والسلب، والسبي ﴿أَفَبِالْبَاطِلِ﴾ الأصنام، وكل ما عدا الله ﴿يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ﴾ الإسلام، ومحمد عليه الصلاة والسلام ﴿يَكْفُرُونَ﴾ فياعجباً لهم: اشتروا دنياهم بآخرتهم، وشقاءهم بسعادتهم؛ فتعساً لهم
﴿وَمَنْ أَظْلَمُ﴾ أي لا أحد أظلم ﴿مِمَّنْ افْتَرَى﴾ اختلق ﴿عَلَى اللَّهِ كَذِباً﴾ بأن نسب له الشريك والولد ﴿أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ﴾ القرآن والإسلام ﴿مَثْوًى﴾ مأوى
﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا﴾ أي جاهدوا من أجلنا. والجهاد يطلق على مجاهدة النفس والشيطان، وأعداء الدين ﴿لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ أي لنهدينهم إلى سبيل الخير والتوفيق. أو والذين جاهدوا فيما علموا؛ لنهدينهم إلى ما لم يعلموا؛ لأن من عمل بما علم: أعطاه الله علم ما لم يعلم ﴿وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ بالعون، والنصر، والحفظ، والهداية


الصفحة التالية
Icon