﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ﴾ اقصد واتجه بكليتك ﴿لِلدِّينَ الْقِيِّمِ﴾ الإسلام؛ فذلك وحده سبب كل خير ويسر ﴿مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ﴾ هو يوم القيامة ﴿لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ﴾ لا دافع له، ولا مانع ﴿يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ﴾ أي يتفرقون ﴿فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ﴾
﴿وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ﴾ أي يسوون لأنفسهم مقر راحتهم في الدنيا، ونعيمهم الدائم في الآخرة
﴿الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ﴾ بالمطر؛ الذي هو سبب الإنبات والرزق ﴿وَلِيُذِيقَكُمْ مِّن رَّحْمَتِهِ﴾ خصبه وسعته ﴿وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ﴾ السفن ﴿بِأَمْرِهِ﴾ بإرادته، ومعونته، وحفظه ﴿وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ﴾ تطلبوا الرزق بالتجارة والكسب؛ عن طريق الأسفار، في البحار
﴿فَجَآءُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ﴾ بالحجج الواضحات الظاهرات
﴿وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً﴾ قطعاً ﴿فَتَرَى الْوَدْقَ﴾ المطر ﴿يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ﴾ أي من خلال السحاب؛ وهو وسطه ﴿فَإِذَآ أَصَابَ بِهِ﴾ أي بالمطر
﴿لَمُبْلِسِينَ﴾ آيسين
﴿فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ﴾ بعباده، وشفقته بخليقته ﴿كَيْفَ يُحْيِيِ الأَرْضَ﴾ بالماء، والنبات، والأقوات ﴿بَعْدَ مَوْتِهَآ﴾ جدبها ويبسها ﴿إِنَّ ذَلِكَ﴾ الإله؛ المرسل الرياح، المثير السحاب، المنزل الماء على من يشاء، المحيي به الأرض بعد موتها «إن ذلك» القوي القادر ﴿لَمُحْييِ الْمَوْتَى﴾ من قبورها، وباعثها من أجداثها، ومحاسبها على أعمالها
﴿فَرَأَوْهُ مُصْفَرّاً﴾ أي الريح، أو الزرع، أو السحاب. وذلك لأن اصفرار السحاب: يدل على عدم وجود الماء فيه، واصفرار الريح: على أنها لا تلقح السحاب، واصفرار الزرع: على يبسه وعدم نمائه ﴿لَّظَلُّواْ﴾ لمكثوا ﴿مِن بَعْدِهِ﴾ أي من بعد الاصفرار، ويأسهم من الإمطار ﴿يَكْفُرُونَ﴾ يجحدون أنعم الله تعالى السابقة عليهم، ورحمته الواصلة إليهم
﴿فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلاَ تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَآءَ﴾ أي لا تستطيع إسماع موتى القلوب، ولا صم العقول. وشبههم تعالى بالموتى والصم؛ لأن حالهم كحالهم في عدم الانتفاع بالسماع


الصفحة التالية
Icon