﴿تُرْجِي﴾ تؤخر ﴿وَتُؤْوِي إِلَيْكَ﴾ أي تضم إليك ﴿وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ﴾ أي ومن طلبت الفراش من أزواجك اللاتي عزلتهن عن القسمة بينهن في المبيت. وقد كان قد خير بعض أمهات المؤمنين: بين الطلاق، أو التنازل عن حقوقهن في القسمة: فاخترن التنازل. فأراد الله تعالى أن يعلمه أنه لا حرج عليه في رد من يشاء منهن إلى فراشه ﴿فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ﴾ لا إثم ولا حرج فيما تفعل: من العزل، والإرجاء، والإيواء ﴿ذلِكَ أَدْنَى﴾ أقرب ﴿أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ﴾ بما قضى به الله تعالى في أمرهن: من الإرجاء، والإيواء، والعزل ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ ﴿وَيَرْضَيْنَ بِمَآ آتَيْتَهُنَّ﴾ من ذلك ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قلُوبِكُمْ﴾ من شأن النساء، والميل إلى بعضهن، وعدم العدل بينهن؛ فيجزى كلا بقدر نيته
﴿لاَّ يَحِلُّ لَكَ النِّسَآءُ مِن بَعْدُ﴾ أي من بعد التسع، وهن: عائشة، وحفصة، وأم حبيبة، وسودة، وأم سلمة، وصفية، وميمونة، وزينت بنت جحش، وجويرية ﴿وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ﴾ بتطليق بعضهن وإحلال غيرهن مكانهن ﴿إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ﴾ من الإماء؛ مما كان يخصه عليه الصلاة والسلام من السبي
﴿غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ﴾ أي غير منتظرين نضجه ﴿فَإِذَا طَعِمْتُمْ﴾ أكلتم
-[٥١٧]- ﴿فَانتَشِرُواْ﴾ فتفرقوا ﴿وَلاَ﴾ تمكثوا ﴿يأَيُّهَا الَّذِينَ﴾ تتناولونه مع بعضكم ﴿إِنَّ ذَلِكُمْ﴾ الدخول بغير استئذان، وانتظار الطعام، وحديث بعضكم مع بعض؛ كل ذلك ﴿كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ﴾ فلا يظهر تضجره؛ لسمو أخلاقه، وعظيم استحيائه ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً﴾
عارية، أو حاجة ﴿فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ﴾ ولا تتطلعوا لرؤيتهن ﴿ذلِكُمْ﴾ السؤال من وراء حجاب ﴿أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ﴾ من الخواطر المريبة؛ التي تعرض للرجال في أمر النساء، وللنساء في أمر الرجال. والتي يبثها الشيطان في قلب كل إنسان وهذه الآية الكريمة جاءت حاوية لأدق الأخلاق الإنسانية، وأسمى الآداب الاجتماعية؛ فكم نرى بعض الثقلاء، يتظرف بالإيذاء: فيقتحم الحرمات، ويرتكب المحرمات؛ وهو لاه غافل، أو متلاه متغافل ﴿وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ اللَّهِ﴾ بعمل ما لا يرضاه ﴿وَلاَ أَن تَنكِحُواْ أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ﴾ لأنهن أمهات لكم، محرمات عليكم