﴿أَنَحْنُ صَدَدنَاكُمْ﴾ منعناكم ﴿عَنِ الْهُدَى﴾ الإيمان، أو القرآن، أو هما معاً؛ وهو استفهام إنكاري. أي لم نصدكم عن الهدى، ولم نكرهكم على الكفر
﴿بَلْ مَكْرُ الْلَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾ أصل المكر: الاحتيال والخديعة. أي بل مكركم بنا ليلاً ونهاراً، أو كفركم أمامنا ليلاً ونهاراً؛ وهو الذي صدنا ومنعنا عن الهدى؛ وذلك لأن العمل الظاهر: فيه معنى الأمر بمثله؛ فمن يكفر: يكن قدوة لغيره في الكفر، ومن يفسق يكن قدوة لغيره في الفسق ﴿أَندَاداً﴾ أمثالاً وأشباهاً ﴿وَأَسَرُّواْ النَّدَامَةَ﴾ أي أظهروها؛ وهو من الأضداد: يكون بمعنى الإخفاء والإبداء. أو هو مشتق من الأسارير؛ وهي محاسن الوجه، والخدان؛ أي بدت الندامة وظهرت على أساريرهم؛ مما يعتري وجوههم من الانقباض والأسى والحزن
﴿مُتْرَفُوهَآ﴾ رؤساؤها ومتنعموها
﴿وَقَالُواْ﴾ أي الكفار المترفون المتنعمون ﴿نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً﴾ من المؤمنين الفقراء ﴿وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ﴾ توهماً منهم أن الأموال والأولاد هي منجاة لهم في الآخرة؛ كما كانت منجاة لهم في الدنيا
﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ﴾ في الدنيا ﴿لِمَن يَشَآءُ﴾ من عباده: كافراً كان أو مؤمناً، طائعاً أو عاصياً؛ وكثيراً ما يعطي من يبغض، ويمنع من أحب ﴿وَيَقْدِرُ﴾ ويقبض عمن يشاء. وقد رد الله تعالى على هؤلاء المحتجين بغناهم، المحتجبين عن مولاهم؛ بقوله:
﴿وَمَآ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى﴾ الزلفى: القربى والمنزلة. أي تقربكم عندنا منزلة ﴿إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً﴾ أي إلا الإيمان والعمل الصالح؛ فهما وحدهما مقياس القرب من حضرة الرب ﴿فَأُوْلَئِكَ﴾ المؤمنون الصالحون ﴿لَهُمْ جَزَآءُ الضِّعْفِ﴾ أي نضاعف لهم جزاء حسناتهم
-[٥٢٦]- ﴿وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ﴾ أعالي الجنة ﴿آمِنُونَ﴾ من العذاب، ومن انقطاع النعيم


الصفحة التالية
Icon