﴿وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِمْ﴾ من الأمم المتقدمة مثل تكذيبهم ﴿وَمَا بَلَغُواْ مِعْشَارَ مَآ آتَيْنَاهُمْ﴾ أي وما بلغ أهل مكة عشر ما أوتي الأولون من طول الأعمار، وقوة الأجسام، وكثرة الأموال والأولاد. وقيل: المعشار: عشر العشر، أو هو عشر عشر العشر؛ فيكون جزءاً من ألف. ولعله المراد: لأنه أريد به المبالغة في التقليل. وقد يكون المعنى: وما بلغ المكذبين الذين من قبلهم معشار ما آتينا أمتك من العلم والبيان، والحجة والبرهان؛ فهم أولى الأمم بالإيمان، وأجدرهم بالإيقان ﴿فَكَذَّبُواْ رُسُلِي﴾ أي كذبت الأمم السابقة رسلي؛ كما كذبك قومك ﴿فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ النكير: تغيير المنكر؛ أي فكيف كان تغييري لمنكرهم، واستئصالي وتدميري لهم؟
﴿قُلْ إِنَّمَآ أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ﴾ أي أنصحكم بكلمة واحدة: هي جماع الفضائل كلها، وأساس الإيمان واليقين والتوحيد ﴿أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ﴾ لعبادته ﴿مَثْنَى﴾ جماعات ﴿وَفُرَادَى﴾ أي مجتمعين ومتفرقين ﴿ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْ﴾ فيما قلتموه، وترجعوا عما زعمتموه ﴿مَا بِصَاحِبِكُمْ مِّن جِنَّةٍ﴾ جنون ﴿إِنْ هُوَ﴾ ما هو ﴿إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُمْ بَيْنَ يَدَيْ﴾ قدام ﴿عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾ هو عذاب الآخرة. قال: «بعثت بين يدي الساعة»
﴿قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّن أَجْرٍ﴾ على التبليغ ﴿فَهُوَ لَكُمْ﴾ المعنى: ﴿لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً﴾ والأجر الذي سألتكموه: هو لكم؛ لأن نفعه عائد عليكم ﴿قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ ﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٍ﴾ عالم به، ومطلع عليه
﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ﴾ أي يلقيه وينزله إلى أنبيائه
﴿قُلْ جَآءَ الْحَقُّ﴾ الإسلام ﴿وَمَا يُبْدِىءُ الْبَاطِلُ﴾ الكفر ﴿وَمَا يُعِيدُ﴾ أي متى جاء الحق؛ فأي شيء بقي للباطل يبدؤه أو يعيده؟
﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُواْ﴾ عند البعث ﴿فَلاَ فَوْتَ﴾ فلا مهرب


الصفحة التالية
Icon