﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ﴾ ويعملون بما فيه ﴿وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ﴾ محافظين عليها في أوقاتها ﴿وَأَنفَقُواْ﴾ على الفقراء ﴿مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ﴾ بفضلنا؛ لا بكسبهم ﴿سِرّاً وَعَلاَنِيَةً﴾ من غير من، ولا أذى، ولا رياء: يسرون في النافلة «الصدقة» ويعلنون في الفريضة «الزكاة» أو يسرون ستراً على الفقير، وجبراً لخاطره، ويعلنون ليقتدى بفعلهم من عداهم. أولئك ﴿يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ﴾ وهي طلب ثواب الله تعالى، والنجاة من عقابه
هذا والتجارة معه تعالى من أربح التجارات وأحسنها، وأعلاها وأغلاها (انظر آية ٢٤٥ من سورة البقرة)
﴿مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ ما تقدمه من الكتب
﴿اصْطَفَيْنَا﴾ اخترنا ﴿فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ﴾ بالكفر، وتحمل الإثم، وذل المعصية ﴿وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ﴾ وهم الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم. أو هم الذين أعطوا الدنيا حقها، والآخرة حقها ﴿وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ﴾ لا يبغي من الدنيا مغنماً، ولا يقرب محرماً
وهذه الأصناف الثلاثة: هي التي عناها الله تعالى بقوله ﴿وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاَثَةً * فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَآ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَآ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ * وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾ فأصحاب الميمنة: هم المعنيون بقوله تعالى ﴿وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ﴾ وأصحاب المشأمة: هم المعنيون بقوله ﴿فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ﴾ والسابقون السابقون: هم المعنيون بقوله جل شأنه ﴿وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ﴾ وهم السابقون إلى الخيرات والمكرمات ﴿بِإِذُنِ اللَّهِ﴾ بأمره وتوفيقه {
جَنَّاتُ عَدْنٍ} أي جنات الإقامة
﴿الَّذِي أَحَلَّنَا﴾ أنزلنا ﴿دَارَ الْمُقَامَةِ﴾ دار الإقامة: وهي الجنة. وسميت بذلك: لأن الإقامة فيها مؤبدة ﴿لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ﴾ تعب ﴿وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ﴾ إعياء
﴿لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ﴾ ويستريحوا
﴿رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا﴾ من النار، وأعدنا إلى الدنيا ﴿نَعْمَلْ﴾ فيها عملاً ﴿صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ﴾ من قبل. قال تعالى رداً عليهم ﴿أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ﴾ أي «أوَلم نعمركم» في الدنيا الوقت الطويل الذي يتذكر فيه من أراد أن يتذكر، ويهتدي فيه من أراد أن يهتدي ﴿وَجَآءَكُمُ النَّذِيرُ﴾ محمد عليه الصلاة والسلام. وقيل «النذير» الشيب، أو موت الأهل والأحباب. والأول أحق بالصواب وأجدر