﴿سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ﴾ أي يسمعون صوت الرحمن الرحيم؛ يقول لهم في الجنان، بصوت لا يحيط به الجنان: سلام عليكم ﴿وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاَماً﴾
﴿وَامْتَازُواْ﴾ أي انفردوا عن المؤمنين ﴿أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ﴾ الكافرون. ويقال لهم وقتذاك
﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ﴾ آمركم ﴿يبَنِي آدَمَ﴾ على لسان رسلي ﴿أَن لاَّ تَعْبُدُواْ الشَّيطَانَ﴾ ولا تطيعوه ﴿إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾ عاهد نفسه على إضلالكم، وأقسم على إغوائكم ﴿فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾
﴿وَأَنِ اعْبُدُونِي﴾ وحدي، وأطيعوني ﴿هَذَا﴾ الاتباع والعبادة ﴿صِرَاطٍ﴾ طريق
﴿وَلَقَدْ أَضَلَّ﴾ الشيطان ﴿مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً﴾ خلقاً كثيراً ﴿أَفَلَمْ تَكُونُواْ تَعْقِلُونَ﴾ ذلك؛ حين رأيتم وقوع غيركم في الضلال
﴿اصْلَوْهَا﴾ ادخلوها
﴿الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ﴾ نخرسهم فلا يتكلمون؛ لأنهم لا ينطقون إلا كذباً؛ أرأيت قولهم: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾
﴿وَلَوْ نَشَآءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ﴾ أعميناها في الدنيا ﴿فَاسْتَبَقُواْ الصِّرَاطَ﴾ ابتدروا طريق الشر والكفر ﴿فَأَنَّى يُبْصِرُونَ﴾ فكيف يبصرون؛ بعد أن أعميناهم؟ ولكنا لعدلنا ورحمتنا: هديناهم الطريق، وأوضحنا لهم السبيل ﴿فَعَمُواْ وَصَمُّواْ ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ﴾ قال تعالى ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّواْ الْعَمَى عَلَى الْهُدَى﴾ أو المراد ﴿لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ﴾ أعميناها في الآخرة؛ كما أخرسنا ألسنتهم
﴿قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً﴾
﴿وَلَوْ نَشَآءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ﴾ أي لمسخناهم في منازلهم، وفي أمكنتهم؛ حيث يجترحون المآثم، ويرتكبون العظائم؛ فجعلناهم قردة، أو خنازير، أو أحجاراً؛ كما مسخنا غيرهم ﴿فَمَا اسْتَطَاعُواْ﴾ بعد مسخهم ﴿مُضِيّاً﴾ في سيئاتهم ﴿وَلاَ يَرْجِعُونَ﴾ وما استطاعوا رجوعاً عن غيهم وكفرهم. أو لم يستطيعوا ذهاباً ولا مجيئاً
﴿وَمَن نّعَمِّرْهُ﴾ نطل عمره ﴿نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ﴾ أي نغير حاله: من قوة إلى ضعف، ومن شباب إلى هرم، ومن جمال إلى قبح
﴿وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ﴾ أي ما علمنا محمداً الشعر؛ حتى تتهمونه بأنه شاعر، وأن ما جاء به من جنس الشعر ﴿وَمَا يَنبَغِي لَهُ﴾ ما يجوز له أن يكون شاعراً ﴿إِنْ هُوَ﴾ ما هو؛ أي القرآن الذي أتى به محمد ﴿إِلاَّ ذِكْرٌ﴾ عظة ﴿وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ﴾ واضح، مظهر للأحكام، ولكل ما تحتاجون إليه
﴿لِّيُنذِرَ﴾ به ﴿مَن كَانَ حَيّاً﴾ ذا قلب ولب ﴿وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ أي يجب عليهم العذاب الموعود
﴿أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ﴾ أي مما خلقناه من غير شريك، ولا معين ﴿أَنْعاماً﴾ هي الإبل، والبقر، والغنم
﴿وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ﴾ سخرناها لهم
﴿وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ﴾ من أصوافها، وأوبارها، وأشعارها من ألبانها