﴿وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى﴾ قربى ﴿وَحُسْنَ مَآبٍ﴾ حسن مرجع
﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَآ أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ﴾ بتعب ومشقة؛ وذلك أنه كان يوسوس إليه، ويعظم في عينيه ما نزل به من الإبتلاء بفقد صحته وفقد ماله وأهله، ويغريه على الجزع، وعدم الصبر فالتجأ إلى ربه تعالى ليكشف عنه البلاء الذي تسبب في تدخل الشيطان بينه وبين ربه ﴿وَعَذَابٍ﴾ قيل: النصب، والضر: في الجسد. والعذاب: في الأهل والمال. ونسبة التعب، والضر، والعذاب؛ إلى الشيطان: تأدب في حقه تعالى كقول إبراهيم عليه السلام ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ﴾ ولم يقل: وإذا أمرضني. وقيل: تسبب الشيطان في تعبه وتعذيبه: بوسوسته له بأن يسأل ربه البلاء؛ ليمتحن نفسه، ويجرب صبره؛ كما قال العارف بالله: الإمام عمربن الفارض:
وبما شئت في هواك اختبرني
فاختياري ما كان فيه رضاكا
هذا وسؤال البلاء؛ دون العافية: ذنب يجب الإقلاع عنه، والاستغفار منه فلما فطن أيوب إلى ذلك لجأ إلى ربه؛ ليكشف ما به، أو يوفقه للصبر الجميل (انظر آيتي ٨٣ و٨٤ من سورة الأنبياء)
﴿ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ﴾ أي لقد أجيبت دعوتك؛ فاضرب برجلك الأرض. فضربها فنبعت عين ماء. فقيل له: ﴿هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ﴾
﴿لأُوْلِي الأَلْبَابِ﴾ لذوي العقول
﴿وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً﴾ حزمة صغيرة من حشيش. والضغث: ملء الكف من قضبان، أو حشيش، أو شماريخ ﴿فَاضْرِب بِّهِ وَلاَ تَحْنَثْ﴾ كان أيوب عليه السلام قد آلى في مرضه أن يضرب امرأته مائة؛ لما رأى من شدة جزعها وحزنها، أو لأنها باعت ذؤابتيها برغيفين؛ فأنزل الله تعالى هذه الفتوى. هذا وإن التحايل في الأيمان لا يجوز؛ وإنما جاز في هذه الحالة؛ لأنه حلف محقاً، وهي فعلت ما فعلت محقة. وذلك لأن الشقاء والمرض: ألجآها إلى الفزع والجزع. وألجأها الجوع إلى بيع الشعر وقد دفعه إلى الحلف: مزيد ثقته بربه، وعلمه بأن الجزع منقصة للإيمان، وأن بيع الشعر - وهو جزء
-[٥٥٨]- من الجسم، وحلية تتحلى بها المرأة - منقصة للتوكل ﴿نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ أي رجاع إلى الله تعالى


الصفحة التالية
Icon