﴿وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُو الأَلْبَابِ﴾ ذووا العقول
﴿أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ﴾ وجبت عليه ﴿كَلِمَةُ الْعَذَابِ﴾ وهي قوله تعالى ﴿لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ ﴿أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ﴾ بدعوتك؛ وقد أعرضوا عنها، ولم يؤمنوا بها، واستوجبوا كلمة العذاب
﴿لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَواْ رَبَّهُمْ﴾ فآمنوا به، واتبعوا رسوله ﴿لَهُمْ غُرَفٌ﴾ في الجنة ﴿ثُمَّ يَهِيجُ﴾ يجف ذلك الزرع ﴿فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً﴾ بعد نضارته وحسنه ﴿ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَاماً﴾ متكسراً
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ الإنزال للماء، وسلوكه ينابيع في الأرض، وإخراج الزرع المختلف الألوان، ثم اصفراره وتكسره «إن في ذلك» جميعه ﴿لَذِكْرَى﴾ تذكيراً بقدرة الله تعالى، ووحدانيته؛ وأن القادر على فعل ذلك: قادر على أن يحيي الموتى ﴿لأُوْلِي الأَلْبَابِ﴾ لذوي العقول
﴿أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ﴾ بسطه ﴿لِلإِسْلاَمِ﴾ فاتبعه، وأقام حدوده ﴿فَهُوَ عَلَى نُورٍ﴾ هداية ﴿مِّن رَّبِّهِ﴾ أي أهذا المتبع للإسلام، المهتدي بهداية الله تعالى «كمن هو أعمى» ﴿فَوَيْلٌ﴾ شدة عذاب ﴿لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ﴾ الذين لا يفقهون، ولا يرون النور؛ فويل لهم ﴿مِّن ذِكْرِ اللَّهِ﴾ أي من ترك ذكر الله تعالى؛ فإذا ذكر أمامهم: ازداد كفرهم، وقست قلوبهم أو المراد بذكرالله: القرآن الكريم. أي فويل للقاسية قلوبهم مما قضاه عليهم القرآن الكريم؛ من عذاب أليم مقيم
﴿كِتَاباً مُّتَشَابِهاً﴾ يشبه بعضه بعضاً: في البيان، والحكمة، والإعجاز ﴿مَّثَانِيَ﴾ جمع مثنى؛ أي مردداً ومكرراً: لا يمل من ترديده وتكراره؛ بل كلما تكرر: ازداد حلاوة وبهاء وكل هذا واضح محسوس؛ لكل من تذوقه وعرفه أو تثنى فيه المواعظ والأحكام؛ لترسخ في ذهن القارىء والسامع ﴿تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ﴾ أي كلما سمعوا آيات الوعيد والعذاب: اقشعرت جلودهم. واقشعرار الجلد لا يكون إلا عند شدة الخوف، ومزيد الرعب ﴿ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ عند ذكر آيات رحمته ومنته، ومغفرته ونعمته


الصفحة التالية
Icon