﴿وَأَنِيبُواْ إِلَى رَبِّكُمْ﴾ ارجعوا إلى ساحته، واطلبوا مغفرته ﴿وَأَسْلِمُواْ لَهُ﴾ وأخلصوا له العمل والنية ﴿مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً﴾ فجأة؛ كما حل بآل فرعون
﴿أَن تَقُولَ نَفْسٌ﴾ أي لئلا تقول نفس مذنبة يوم القيامة: ﴿يحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطَتُ﴾ على ما قصرت ﴿فِي جَنبِ اللَّهِ﴾ أي في حقه تعالى، وفي طاعته
﴿أَوْ تَقُولَ﴾ نفس ﴿لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ ينكرون على الله تعالى هدايته لهم؛ وقد هداهم. ألم يرسل لهم الرسل، وينزل عليهم الكتب؟ ألم يخلق لهم العقول التي تميز بين المليح والقبيح، والسقيم والصحيح؟
﴿أَوْ تَقُولَ﴾ نفس ﴿حِينَ تَرَى الْعَذَابَ﴾ المعد لها يوم القيامة: ﴿لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً﴾ رجعة إلى الدنيا ﴿بَلَى﴾ جواب النفي المستكن في المعنى؛ لأن القائل حين يقول: ﴿لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي﴾ فإنه ينفي هداية الله تعالى له وينكرها؛ فقيل له جواباً لنفيه للهداية:
«بلى» أي نعم قد بيَّن الله تعالى لك طريق الهدى؛ بحيث صار في مقدورك، وفي متناول فهمك؛ و ﴿قَدْ جَآءَتْكَ آيَاتِي﴾ المحكمات البينات ﴿فَكَذَّبْتَ﴾ ولم تؤمن ﴿بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ﴾ عن اتباع سبيل المؤمنين ﴿وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ الضالين عن الرشد والهداية
﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ﴾ بنسبة الشريك والولد إليه ﴿وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ﴾ من غضب الله تعالى ونقمته ﴿أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى﴾ مأوى ﴿لِّلْمُتَكَبِّرِينَ﴾ عن الإيمان
﴿وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ بِمَفَازَتِهِمْ﴾ أي وينجي الله الذين اتقوا بسبب أعمالهم الصالحة؛ التي أدت إلى فوزهم ونجاتهم. والمفازة: المنجاة ﴿لاَ يَمَسُّهُمُ السُّوءُ﴾ العذاب، أو الخزي ﴿وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ بالحرمان من النعيم الذي يريدونه، والخير الذي يطلبونه
﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾ حافظ، وقائم، ومتصرف


الصفحة التالية
Icon