﴿الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ﴾ حجة أو برهان ﴿كَبُرَ مَقْتاً﴾ عظم بغضاً ﴿كَذَلِكَ﴾ أي مثل ذلك الإضلال الواقع على من كفر وفجر ﴿يَطْبَعُ اللَّهُ﴾ يختم ويغطي ﴿عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ﴾ فالتكبر والتجبر: سابقان على طبع الله وختمه ﴿عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ﴾ وقد أراد الله تعالى أن يرينا مثالاً للمتكبرين المتجبرين، المسرفين المرتابين الكاذبين؛ المستحقين للإضلال والإذلال، والتغطية والتعمية؛ وهل بعد تكبر فرعون من تكبر؟ وهل بعد إسرافه في الكفر من إسراف؟
﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ﴾ لوزيره ﴿يهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً﴾ قصراً عالياً
﴿أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ﴾ أي أبوابها، أو طرقها، أو ما يؤدي إليها. ولعل اللعين قد طلب من وزيره ما يفعله الآن بعد الملاعين؛ من عمل صواريخ يزعمون الوصول بها إلى الكواكب والسموات؛ وهيهات هيهات لما يتوهمون (انظر آية ٦١ من سورة الفرقان) ﴿فَأَطَّلِعَ﴾ انظر ﴿وَإِنِّي لأَظُنُّهُ﴾ أي أظن موسى ﴿كَاذِباً﴾ فيما يزعمه: من أن له إلهاً واحداً ﴿وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ﴾ عقوبة له على تماديه في الكفر، وطرحه ما ظهر له من الآيات والمعجزات وراء ظهره ﴿وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ﴾ منع عن الإيمان؛ لأنه منع عقله عن التدبر، وقلبه عن التبصر؛ وحارب ربه، وقاتل رسوله، وقتل مخلوقاته، وادعى الربوبية، وقال: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ فحق عليه غضب الله تعالى: فأصمه عن الاستماع، وصده عن سبيل الإيمان؛ عقوبة له على غيه وبغيه ﴿وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِي تَبَابٍ﴾ خسار، وهلاك
﴿إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ﴾ أي تمتع لا يلبث أن يزول ﴿وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ﴾ دار البقاء والاستقرار
﴿يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ رزقاً واسعاً؛ لا حد له، ولا انتهاء
﴿وَيقَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ﴾ أي إلى الإيمان؛ وهو الطريق الموصل إلى النجاة من النيران ﴿وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ﴾ أي إلى الكفر الموصل إلى الجحيم، والعذاب الأليم


الصفحة التالية
Icon