﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِالذِّكْرِ﴾ القرآن ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ﴾ منيع، جليل؛ لا يعتريه لغو، أو تناقض
﴿مَّا يُقَالُ لَكَ﴾ يا محمد؛ من الطعن، والسب، والتكذيب ﴿إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ﴾ مثله ﴿لِلرُّسُلِ﴾ الذين أرسلناهم ﴿مِن قَبْلِكَ﴾ كنوح، ولوط، وإبراهيم؛ عليهم السلام ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةَ﴾ لمن تاب وآمن ﴿وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ﴾ لمن كفر وفجر
﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أعْجَمِيّاً﴾ الأعجمية: هي كل لغة تخالف اللغة العربية ﴿لَّقَالُواْ﴾ محتجين على ذلك ﴿لَوْلاَ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ﴾ هلا بينت بالعربية حتى نفهمها ﴿ءَاعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ﴾ أي أقرآن أعجمي، يرسل إلى عربي؟ ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى﴾ يهديهم إلى طريق البر والخير، ويوصلهم إلى الرحمة، والنعمة، والمغفرة، والنعيم المقيم ﴿وَشِفَآءٌ﴾ لما في الصدور وأقسم بكل يمين غموس: أن القرآن الكريم كم أذهب أسقاماً، وأزال آلاماً، وشفى صدوراً، وأبرأ جسوماً وليس بمنقص من قدره، ولا بغاض من فضله: أن يتخذه أناس أداة للتكسب والاحتيال. وقد ورد أن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم كانوا يرقون اللديغ بأم الكتاب فيبرأ لوقته، ويقوم لساعته. وقد أقر الرسول عليه الصلاة والسلام ذلك. فأنعم به من هدى، وأكرم به من شفاء وهو فضلاً عن شفائه الأسقام والأوجاع؛ فإنه يشفي كل من آمن به؛ من الشك والريب ﴿وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ هو ﴿فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ﴾ صمم ﴿وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى﴾ يطمس قلوبهم، ويعمي أبصارهم وبصائرهم ﴿أُوْلَئِكَ﴾ الذين لم يؤمنوا بالقرآن؛ وأصموا أسماعهم عن تلقيه، وأعينهم عن رؤية ما فيه، وقلوبهم عن تفهم معانيه
﴿يُنَادَوْنَ﴾ يوم القيامة ﴿مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ﴾ ينادون بأسوإ الصفات، وأقبح السمات: فضيحة لهم، وإزراء بهم، وتقبيحاً لأفعالهم. أو هو تشبيه لعدم استماعهم للنصح في الدنيا؛ كمن ينادي من مكان بعيد؛ فلا يسمع النداء
﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ﴾ التوراة ﴿فَاخْتُلِفَ فِيهِ﴾ كما اختلف في القرآن ﴿وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ﴾ بتأخير الجزاء والعقاب إلى يوم القيامة ﴿لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ﴾ في الدنيا ﴿وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ﴾ أي في شك من القرآن ﴿مُرِيبٍ﴾ موقع في الريبة
﴿إِلَيْهِ﴾ تعالى وحده ﴿يُرَدُّ﴾ يرجع؛ لا إلى أحد من خلقه ﴿عِلْمُ السَّاعَةِ﴾ معرفة القيامة، ومتى تقوم؟ ﴿وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا﴾ أوعيتها؛ قبل أن تنشق عن الثمرة
-[٥٨٩]- ﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ﴾ أي ينادي المشركين؛ قائلاً لهم ﴿أَيْنَ شُرَكَآئِيَ﴾ الذين أشركتموهم معي في العبادة ﴿قَالُواْ آذَنَّاكَ﴾ أي أعلمناك ﴿مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ﴾ أي ما منا من أحد يشهد، أو يقول: إن لك شريكاً؛ بعد أن عاينا ما عاينا. أو ما منا من أحد يشاهدهم الآن ويراهم؛ حيث إنهم ضلوا عنهم