﴿وَمَا بَثَّ﴾ فرق، ونشر ﴿فِيهِمَا﴾ أي في السموات والأرض ﴿مِن دَآبَّةٍ﴾ الدابة: كل ما يدب على وجه الأرض: من إنسان، وحيوان، وطائر، ونحو ذلك. وقد يقال: هذا بالنسبة لما يدب على وجه الأرض؛ فما الذي يدب في السموات؟ والجواب على ذلك: إن كل ما علاك؛ فهو سماء: فالكواكب، والأنجم، والأفلاك: سموات؛ والذي يدب فيها: هو ما يدب على أرض تلك السموات من سكان وأملاك، لا يعلمها سوى بارئها سبحانه وتعالى
﴿وَمَآ أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ﴾ بلية، وشدة؛ في المال، أو في الأهل، أو في الجسم ﴿فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ من المعاصي ﴿وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ﴾ ولولا عفوه تعالى؛ لأحاط بكم البلاء من كل جانب، ولحلت بكم الأرزاء من كل صوب
﴿وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾ بفائتين، أو بغالبين ﴿وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ اللَّهِ﴾ غيره
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ﴾ الدالة على قدرته ﴿الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلاَمِ﴾ السفن التي تجري في البحر كالجبال
﴿إِن يَشَأْ﴾ تعالى ﴿يُسْكِنِ الرِّيحَ﴾ التي تدفع السفن، أو يمنع خاصية الماء في حملها؛ فيتخلى عما على ظهره ﴿فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ﴾ ثوابت لا تجري ﴿عَلَى ظَهْرِهِ﴾ أو غرقى في قعره وهو أمر مشاهد محسوس؛ فقد تكون سفينة من أضخم البواخر؛ وأقوى المواخر: فيدركها أمر الجبار القهار؛ فتنهار في قعر البحار: بغير سبب ظاهر سوى إرادته، ولا علة غير مشيئته وكيف تقوى على السير؛ وقد تخلى عن حفظها القدير الحكيم؟ وقد تكون سفينة أخرى من أخس المراكب، وأحقر القوارب: تسير في خضم الأمواج، وسط العجاج؛ كالسهم المارق، وكالسيل الدافق؛ وما ذاك إلا بحفظ الحفيظ العليم، الرحمن الرحيم ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ﴾ دلالات على قدرته تعالى ﴿لِّكُلِّ صَبَّارٍ﴾
كثير الصبر على الطاعة، وعن المعصية، وعلى البلاء الذي يقدره الله تعالى ﴿شَكُورٍ﴾ كثير الشكر على ما يوليه المولى من فضله وأنعمه
﴿أَوْ يُوبِقْهُنَّ﴾ يهلكهن بالإغراق ﴿بِمَا كَسَبُوا﴾ بما عملوا من الذنوب
﴿مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ﴾ من مهرب
﴿فَمَآ أُوتِيتُمْ مِّن شَيْءٍ﴾ نعمة في هذه الحياة ﴿فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ الزائل الفاني ﴿وَمَا عِندَ اللَّهِ﴾ من نعيم الآخرة ﴿خَيْرٌ﴾ من متاع الحياة الدنيا ﴿وَأَبْقَى﴾ لأنه دائم؛ لا انقطاع له أبداً
﴿وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ﴾ كبائر الذنوب ﴿وَالْفَوَاحِشَ﴾ الذنوب الفاحشة: كالزنا، والقتل. أو هي كل موجبات الحدود ﴿وَإِذَا مَا غَضِبُواْ هُمْ يَغْفِرُونَ﴾ أي إذا أغضبهم أحد: عفوا عنه، وتجاوزوا عن ذنبه


الصفحة التالية
Icon