﴿فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ﴾ بالقحط، والمرض، والفقر، والذل، والاستئصال
﴿إِنَّنِي بَرَآءٌ﴾ أي بريء
﴿إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي﴾ خلقني ﴿فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ﴾ إلى معرفته ودينه
﴿وَجَعَلَهَا كَلِمَةً﴾ أي كلمة التوحيد؛ يدل عليها قوله عليه الصلاة والسلام ﴿إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ ﴿بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ﴾ أي في ذريته؛ فلا يزال فيهم من يعبد الله تعالى، ويدعو إلى توحيده ﴿لَعَلَّهُمْ﴾ أي لعل أهل مكة حين يسمعون توحيد إبراهيم ﴿يَرْجِعُونَ﴾ إلى الدين الحق الذي استمسك به جدهم إبراهيم
﴿بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلاَءِ﴾ الكفار متعت ﴿آبَآءَهُمُ﴾ من قبلهم؛ ولم أعاجلهم بالعقوبة على كفرهم ﴿حَتَّى جَآءَهُمُ الْحَقُّ﴾
من عندنا؛ وهو القرآن ﴿وَرَسُولٌ﴾ هو سيد الرسل محمد عليه الصلاة والسلام ﴿مُّبِينٌ﴾ مظهر لديننا، وشريعتنا، وأحكامنا. وقرأ قتادة والأعمش، وغيرهما: «بل متعت» بتاء الخطاب على معنى أن القائل لذلك: إبراهيم عليه السلام؛ أو هو من مناجاة الرسول. وقرأ الأعمش: «بل متعنا» بنون العظمة. والأول: هو أولى الأقوال
﴿وَلَمَّا جَآءَهُمُ الْحَقُّ﴾ القرآن، وما صاحبه من معجزات، وإرهاصات ﴿قَالُواْ هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ﴾ يكفرون بمن خلق، ويعبدون من خلق، ويكفرون بالآيات البينات، ويؤمنون بالأباطيل والترهات
﴿وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾ يعنون بالقريتين: مكة والطائف. وبالعظيم: الذي يكون له مال، ومنصب، وجاه، وقد فاتهم أن العظيم: هو الذي يكون عند الله تعالى عظيماً؛ أما المال، والجاه، والمنصب؛ فهي عظمة يبتغيها الجاهلون، ويقدرها الفاسقون ومقياس العظمة الحقيقية عند الله تعالى، وعند العقلاء: عظمة النفس، وسمو الروح، وعلو الهمة ومن أعظم نفساً، وأسمى روحاً، وأعلى همة؛ من محمدبن عبد الله: خاتم رسل الله؟ عليه الصلاة والسلام وقد قال تعالى؛ رداً على من اقترح نزول القرآن على رجل من القريتين عظيم:
﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ﴾ فيعطون النبوة والرسالة لمن يشاءون دون من أشاء، وينزلون القرآن على من يحبون؛ دون من أحب؟ ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ فجعلنا بعضهم أغنياء، وبعضهم فقراء ﴿وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ﴾ لا كما تنادي بعض المبادىء الهدامة؛ بما يبثونه من سموم فكرية، وما يدعون إليه من نظم؛ في ظاهرها البر والخير، وفي باطنها الإثم والشر كالنظام الشيوعي، والنظم الأخرى التي تستوردها بعض الأمم من البلاد التي لا تدين بالإسلام، بل ولا تدين بأي دين سماوي؛ بل تقول