﴿إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً﴾ يعنون القرآن الكريم ﴿أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ لما تقدمه من الكتب؛ كالتوراة والإنجيل ﴿يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ﴾ الواضح ﴿وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ لا عوج فيه. وهل أقوم من الإسلام، وأهدى من الإيمان؟
﴿يقَوْمَنَآ أَجِيبُواْ دَاعِيَ اللَّهِ﴾ رسوله الذي يدعو إليه، وإلى دينه القويم ﴿يَغْفِرْ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ﴾ التي اقترفتموها قبل إيمانكم؛ لأن الإيمان يجبّ ما قبله ﴿وَيُجِرْكُمْ مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ ذهب كثيرون إلى أن الجن ثوابهم: أن يجاروا من النار، ثم يقال لهم: كونوا تراباً؛ فيكونوه؛ كالبهائم تماماً. وذهب آخرون إلى أنهم كما يعاقبون على سيئاتهم: يثابون على حسناتهم. وهذا القول أولى بالصواب وأجدر بالعدالة الإلهية، قال تعالى: ﴿وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ﴾ بعد مخاطبته للجن والإنس بقوله ﴿يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ﴾
﴿فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأَرْضَ﴾ أي لن يعجز الله بالهرب من بطشه وعقوبته ﴿وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ﴾ غيره ﴿أَوْلِيَاءَ﴾ أنصار يمنعونه عذاب الله تعالى، أو يدفعون عنه عقابه
﴿أُوْلَئِكَ﴾ الذين لم يجيبوا داعي الله ﴿فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ﴾ الضلال: ضد الهدى. ويطلق أيضاً على الحيرة، والموت
﴿وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ﴾ أي لم يتعب، ولم يعجز ﴿بَلَى﴾ أي نعم هو قادر على بعث الموتى وإحيائهم
﴿أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ﴾ أي يقال لهم: أليس هذا العذاب هو الحق الذي تستحقونه، وقد استوجبتموه بكفركم، وقد جئناكم في الدنيا بأنبائه؛ فلم تؤمنوا بوقوعه
﴿فَاصْبِرْ﴾ يا محمد على أذى قومك ﴿كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ الْعَزْمِ﴾ ذووا الجد والثبات والصبر ﴿مَّنَ الرُّسُلِ﴾ الذين تقدموك ﴿وَلاَ تَسْتَعْجِل لَّهُمْ﴾ أي لا تستعجل العذاب لقومك ﴿كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ﴾ من العذاب يوم القيامة ﴿لَّمْ يَلْبَثُواْ﴾ في الدنيا، أو في القبور ﴿إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ﴾ وذلك لشدة ما يلقون من هول القيامة ﴿بَلاَغٌ﴾ أي هذا القرآن «بلاغ» من الله تعالى إليكم.


الصفحة التالية
Icon