﴿لَوْلاَ﴾ هلا ﴿مُّحْكَمَةٌ﴾ أي غير متشابهة؛ بل واضحة لا تحتمل التأويل. وقيل: كل سورة نزل فيها القتال فهي محكمة لم ينسخ منها شيء. وذلك لأن القتال ناسخ للصفح والمهادنة وهو غير منسوخ إلى يوم القيامة ﴿رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ﴾ شك؛ وهم المنافقون ﴿يَنظُرُونَ إِلَيْكَ﴾ لشدة جبنهم، ومزيد خوفهم ﴿نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ﴾ وذلك لأن الميت يشخص بصره كالمذعور ﴿فَأَوْلَى لَهُمْ﴾ تهديد ووعيد. أو المعنى: فخير لهم
﴿طَاعَةٌ﴾ لك ﴿وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ﴾ للمؤمنين ﴿فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ﴾ أي فرض القتال ووجب ﴿فَلَوْ صَدَقُواْ اللَّهَ﴾ وجاهدوا في سبيله. واتبعوا أوامره ﴿لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ﴾ من القعود عن الجهاد، والنكوص والنفاق؛ لأن نتيجة الجهاد: الاستشهاد - وهو الفوز الأكبر - أو الظفر والغنيمة
﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ﴾ أي فلعلكم ﴿إِن تَوَلَّيْتُمْ﴾ الأمر والحكم، أو «إن توليتم» بمعنى أعرضتم عن الإيمان والطاعة ﴿أَن تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ﴾ بالعصيان، والقتل، والظلم، وأخذ الرشوة ﴿وَتُقَطِّعُواْ أَرْحَامَكُمْ﴾ تعادوا أهليكم ولا تبروهم
﴿أُوْلَئِكَ﴾ الذين تعاموا عن الحق، وأفسدوا في الأرض: هم ﴿الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ﴾ طردهم من رحمته ﴿فَأَصَمَّهُمْ﴾ عن استماع الهدى ﴿وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ﴾ عن الصراط المستقيم
﴿أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ﴾ فيعرفون ما فيه ﴿أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ﴾ أم قلوبهم مقفلة لا يدخلها الهدى، ولا يصل إليها الذكر
﴿سَوَّلَ﴾ زين ﴿وَأَمْلَى لَهُمْ﴾ أي مد لهم في الآمال والأماني، أو أملى لهم الشيطان الكفر والفسوق والعصيان
﴿ذَلِكَ﴾ الإضلال الواقع عليهم ﴿بِأَنَّهُمُ﴾ بسبب أنهم ﴿قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ﴾ أي للمشركين؛ لأنهم كرهوا القرآن الكريم، وكرهوا الاستماع إليه. قالوا لهم ﴿سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ﴾ أي في عداوة الرسول، وتثبيط الناس عن الجهاد معه ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ﴾ ما أسروه من ذلك فيما بينهم
﴿فَكَيْفَ﴾ بهم ﴿إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ﴾ يعني إذا لم يصبهم العذاب في الدنيا؛ فإن الموت لاحق بهم لا محالة. فكيف يكون حالهم عند الموت، والملائكة ﴿يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ﴾ ظهورهم. والمراد أن العذاب ينزل حينذاك على سائر أعضائهم


الصفحة التالية
Icon