﴿وَأُخْرَى﴾ أي ومغانم أخرى ﴿لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا﴾ أي ما كان لكم أن تقدروا عليها؛ لولا نصره تعالى ومعونته؛ وهي مغانم هوازن. وقيل: فارس والروم؛ أو هما معاً ﴿قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا﴾ أي علم وقدر أنها ستكون لكم، وأقدركم عليها بفضله لا بقوتكم
﴿وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كفَرُواْ﴾ بالحديبية؛ ولم يصطلحوا ﴿لَوَلَّوُاْ الأَدْبَارَ﴾ لأن الله تعالى قد قضى بنصرتكم عليهم: محاربين أو مسالمين
﴿سُنَّةَ اللَّهِ﴾ أي سن الله تعالى سنة وطريقة؛ وهي إعزاز المؤمنين، وإذلال الكافرين ﴿الَّتِي قَدْ خَلَتْ﴾ قد مضت
﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ﴾ فلم يقاتلوكم ﴿وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم﴾ فلم تقاتلوهم ﴿بِبَطْنِ مَكَّةَ﴾ بالحديبية ﴿مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ﴾ قيل: هبط ثمانون رجلاً؛ من أهل مكة: شاكي السلام؛ يريدون غرة المؤمنين والفتك بهم. فرآهم المؤمنون، وأمسكوهم بالأيدي. وبعد ذلك أمر النبي بإخلاء سبيلهم؛ وسموا بذلك العتقاء؛ لأنه عليه الصلاة والسلام أعتقهم من القتل؛ وكان من بينهم معاوية وأبوه
﴿هُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ يعني قريشاً ﴿وَصَدُّوكُمْ﴾ منعوكم ﴿عَنِ﴾ بلوغ ﴿الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ﴾ عام الحديبية؛ وقد أحرم المؤمنون بعمرة ﴿وَالْهَدْيَ﴾ هو ما يهدى إلى الحرم من البُدُن ﴿مَعْكُوفاً﴾ محبوساً بفعل المشركين
﴿أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ﴾ مكانه الذي ينحر فيه عادة؛ وهو الحرم ﴿وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَآءٌ مُّؤْمِنَاتٌ﴾ موجودون بمكة مع المشركين؛ وهم المستضعفون ﴿لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ﴾ لم تعرفوهم، أو لم تعلموا إيمانهم ﴿أَن تَطَئُوهُمْ﴾ تقتلوهم خطأ مع الكفار ﴿مَّعَرَّةٌ﴾ إثم وعيب. أي لولا ذلك؛ لأن الله لكم في دخول مكة، والفتك بمن فيها. ولعل المراد ﴿وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَآءٌ مُّؤْمِنَاتٌ﴾ في أصلاب هؤلاء الكفار «لم تعلموهم» والله تعالى يعلمهم «أن تطئوهم» بقتل من هم في أصلابهم «بغير علم» منكم بما فعلتم. لولا ذلك لأذن الله تعالى لكم في قتلهم؛ وذلك ﴿لِّيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ﴾ من هؤلاء الذراري المؤمنين ﴿لَوْ تَزَيَّلُواْ﴾ تفرقوا، وتميزوا عن الكفار، وخرجوا من أصلابهم إلى عالم الظهور ﴿لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ﴾ من أهل مكة، وأبحنا لكم فتحها وقتال من فيها
﴿إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ﴾ الكبر والأنفة، والغلظة والعصبية
-[٦٣٢]- ﴿حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ﴾ وهي أنهم قالوا: لقد قتلوا أبناءنا وإخواننا؛ ثم يدخلون علينا في منازلنا؟ واللات والعزى لا يدخلنها أبداً ﴿فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ﴾ طمأنينته ﴿وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى﴾ هي: لا إله إلا الله، محمد رسول الله وأضيفت إلى التقوى: لأنها سببها ﴿وَكَانُواْ أَحَقَّ بِهَا﴾ أحق بكلمة التقوى؛ لأنهم سمعوها واتبعوها؛ فكانوا أحق بها من كفار مكة؛ الذين أصموا آذانهم عن استماعها، وقلوبهم عن قبولها ﴿وَأَهْلَهَا﴾ أي وكانوا أهل هذه الكلمة؛ المستوجبين لفضلها، الحائزين لشرفها


الصفحة التالية
Icon