وانظروا أيضاً إلى حاسة الذوق، وكيف تستدلون بواسطتها إلى تذوق الأصناف والطعوم، ومعرفة الحلو والحامض، والمر، والمالح.
وكذلك البصر؛ وانطباع المرئيات عليه، وانعكاسها على صفحة المخ لتترك أثرها.
وكذلك السمع؛ وانقلاب المسموعات إلى مفهومات، وانطباع هذه المفهومات في حافظة المخ؛ لتزودكم به، وقت حاجتكم إليه. وهكذا سائر الأعضاء بما وهبها الله تعالى من مزايا يضيق الخاطر عن حصر فوائدها ومنافعها
فإذا ما فكر الإنسان في خلقة نفسه، ودقة حواسه، وتأمل هذه الآلات والأدوات؛ التي صاغها الخلاق العليم، وبرأها المدبر الحكيم وهل يستطيع الإنسان - بما أوتي من علم ومال، وجاه وسلطان - أن يستعيض عن أحدها لو سلبها، أو أن يردها بعد تلفها، أو أن يفهم كنهها، ويعرف سر تركيبها حقاً لو تأمل الإنسان بعض ذلك؛ لما وسعه إلا أن يقول: ﴿وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ﴾
﴿وَفِي السَّمَآءِ رِزْقُكُمْ﴾ في الدنيا. أي إن رزقكم مقدر في السماء، مسجل في اللوح المحفوظ؛ يسعى إليكم؛ قبل أن تسعون إليه، ويجري وراءكم؛ قبل أن تكدون في تحصيله. وربما أريد بالرزق: المطر؛ لأنه سبب له، ويأتي الرخاء والخصب بواسطته ﴿وَمَا تُوعَدُونَ﴾ به في الآخرة؛ من نعيم مقيم للطائع، وعذاب أليم للعاصي. وقيل: أريد بما توعدون: الجنة. وأنها فوق السماء السابعة؛ تحت عرش الرحمن
﴿فَوَرَبِّ السَّمَآءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ﴾ أي رزقكم المقدر لكم، وما توعدون به في كتب الله المنزلة، وعلى ألسنة رسله المرسلة ثابت واقع ﴿مِّثْلَ مَآ أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ﴾ أي كما أنكم - أيها المخاطبون المكلفون - قد تميزتم عن سائر الحيوانات بالنطق؛ فكذلك تميز كلامه تعالى، ووعده ووعيده؛ بالصدق والحق
﴿قَوْمٌ مُّنكَرُونَ﴾ أي أنكرهم ولا أعرفهم
﴿فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ﴾ ذهب إليهم خفية
﴿فَأَوْجَسَ﴾ أضمر
﴿فِي صَرَّةٍ﴾ في صيحة؛ تعجباً لما سمعت ﴿فَصَكَّتْ وَجْهَهَا﴾ ضربت وجهها بأصابع يديها: فعل المتعجب ﴿وَقَالَتْ﴾ كيف ألد وأنا ﴿عَجُوزٌ﴾ كبيرة السن؛ لا تحمل عادة؛ فضلاً عن أني ﴿عَقِيمٌ﴾ لم ألد في شبابي؛ فكيف في شيخوختي ويأسي؟
﴿قَالَ﴾ إبراهيم لضيفه ﴿فَمَا خَطْبُكُمْ﴾ ما شأنكم، وما طلبكم؟
﴿إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ﴾ قوم لوط
﴿مُّسَوَّمَةً﴾ معلمة؛ على كل واحد منها اسم من يهلك به ﴿لِلْمُسْرِفِينَ﴾ للكافرين
﴿فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا﴾ أي من كان في قرى قوم لوط
﴿فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ هو بيت لوط عليه السلام.
-[٦٤٤]- قيل: هو وابنتاه


الصفحة التالية
Icon