﴿ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلِينَ﴾ أي جماعة كثيرة من متقدمي هذه الأمة؛ لملازمتهم الصلاح، واستمساكهم بالتقوى
﴿وَقَلِيلٌ مِّنَ الآخِرِينَ﴾ من متأخري هذه الأمة. وقيل: «من الأولين» من الأمم الماضية، و «من الآخرين» من هذه الأمة
﴿عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ﴾ مرصعة باللؤلؤ والجواهر
﴿مُّتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ﴾ ينظر بعضهم إلى بعض، ويدورون في مقاعدهم بحيث لا تبدو أقفيتهم. وهذا مظهر من مظاهر العظمة التي نجدها في عظماء الدنيا: حيث يجلسون على مكاتبهم في مقاعدهم التي تدور بهم حيث شاءوا؛ فيواجه بوجهه من يريد محادثته من جلسائه
﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ﴾
للخدمة ﴿وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ﴾ لا يهرمون أبداً. وقد ذهب بعض الفساق إلى أن هؤلاء الولدان للخدمة واللواط أيضاً. وهو قول يضم إلى فساده؛ سوء خلق قائله، وانعدام ذوقه فليحذر المؤمن من مكائد شياطين الإنس والجن؛ وقد أسهبنا في الرد على هذه المزاعم وأمثالها في تفسيرنا الكبير
﴿وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ﴾ خمر من عيون تجري على وجه الأرض؛ ترى بالعين. قال تعالى: ﴿وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ﴾
﴿لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا﴾ أي لا يحصل لهم صداع بسببها؛ كخمر الدنيا ﴿وَلاَ يُنزِفُونَ﴾ أي لا يذهب عقلهم؛ من نزف الرجل: إذا ذهب عقله من السكر. وقيل: من أنزف القوم: إذا نفد شرابهم
﴿وَحُورٌ عِينٌ﴾ الحور: جمع حوراء؛ وهي شديدة بياض العين وسوادها. والعين: جمع عيناء؛ وهي الواسعة العين (انظر آية ٥٤ من سورة الدخان)
﴿جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ في الدنيا من صالح الأعمال
﴿لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ تَأْثِيماً﴾ أي لا يسمعون قولاً باطلاً، ولا هذياناً، ولا سباباً؛ مما يستوجب الإثم} قولاً
﴿سَلاَماً سَلاَماً﴾ تسليماً عليهم من الملائكة، ومن إخوانهم المؤمنين
﴿وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَآ أَصْحَابُ الْيَمِينِ﴾ وهم الذين أوتوا كتبهم بأيمانهم (انظر آية ٦٢ من سورة الرحمن)
﴿فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ﴾ السدر: شجر النبق. والمخضود: الذي لا شوك فيه
﴿وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ﴾ هو شجر الموز. و «منضود» أي مرصوص
﴿وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ﴾ دائم. قال تعالى في وصف الجنة: ﴿أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا﴾ وجاء في الحديث الشريف: «إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها»
﴿وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ﴾ أي عالية. أو أريد بالفرش: النساء؛ وقد جرت عادة العرب بتسمية المرأة بالفراش؛ ويؤيده ما بعده. و «مرفوعة» أي مرفوعة فوق الأرائك. قال تعالى: ﴿هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلاَلٍ عَلَى الأَرَآئِكِ﴾.


الصفحة التالية
Icon