﴿يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُواْ فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُواْ يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ﴾ والتفسح في المجالس من أكرم الخلال الإسلامية والخلق الإنسانية فيجب على كل مؤمن أن يفسح لأخيه الذي يريد الجلوس، أو الصلاة؛ ولو لم يقل بلسانه ﴿وَإِذَا قِيلَ انشُزُواْ فَانشُزُواْ﴾ أي إذا قيل: انهضوا وانصرفوا، فانصرفوا: ولا ينتظرن أحدكم أن يقال له ذلك في مجلس من المجالس؛ بل عليه أن يراعي حالة الجالسين إليه، وأنسهم به؛ فإذا ما افتقد رعايتهم له، واهتمامهم بأمره: انصرف مشكوراً مأجوراً؛ قبل أن تمجه الأسماع، وتعافه الأبصار وهذا هو الأدب الرباني، والخلق القرآني؛ فاستمسك به أيها المؤمن: تعش سالماً من البغض، آمناً من الحقد وقيل: كان ذلك في مجالس الرسول خاصة والأولى أنها عامة ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ﴾ وعملوا بطاعة الله تعالى، وأمر رسوله عليه الصلاة والسلام ﴿وَالَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ كل بقدر عمله بعلمه. فمنهم من يعلم ولا يعمل، ومنهم من يعلم ويعمل؛ ولكنه فاسد الذوق، بليد الإحساس؛ يأتي سائر المكروهات، ويرتكب سائر المحرمات: فتراه يناجي من بجانبه بلا سبب، ويجلس مكان أربعة رجال بسبب عنجهيته، ولا يفسح المكان إذا ضاق بمن فيه، ولا يقوم من مجلسه - رغم بغض الجالسين له - حتى يكون عليهم كالطاعون؛ بل وشر من الطاعون فماذا أفاد علمه بجانب هذا الإحساس البارد، والذوق السمج؟ ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ من خير أو شر ﴿خَبِيرٌ﴾ فيجازيكم عليه؛ إن خيراً فخير، وإن شراً فشر
﴿يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ﴾ أردتم محادثته سراً؛ لأمر يهمكم ﴿فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾ هو حث على التصدق؛ عند طلب الحاجة من الله تعالى، أو من رسوله عليه الصلاة والسلام. وذلك كقوله: «داووا مرضاكم بالصدقة» وهي نعم الدواء عن تجربة ﴿فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ﴾ ما تتصدقون به عند مناجاة الرسول، أو عند الدعاء ﴿فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ﴾ لكم ﴿رَّحِيمٌ﴾ بكم
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ قَوْماً﴾ صادقوهم، واتخذوهم أولياء. والمراد بالقوم: بعض اليهود لعنهم الله تعالى ﴿مَّا هُم مِّنكُمْ وَلاَ مِنْهُمْ﴾ أي ليسوا من المؤمنين، ولا من اليهود؛ بل هم منافقون


الصفحة التالية
Icon