﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ﴾ أي ويعلم آخرين منهم؛ وهم سائر الأمة من بعده؛ فهو عليه الصلاة والسلام المعلم الأول لأمته إلى يوم القيامة، ولله در القائل:
لم يوفق موفق قط إلا
جاءه عن طريقه التوفيق
﴿لَمَّا﴾ لم ﴿يَلْحَقُواْ بِهِمْ﴾ في السابقة والفضل وهل يستوي من تمتع بصحبة الرسول، وفاز بطلعته؛ بمن لم يره؟ والمعنى: لم يلحقوا بهم، وسيلحقون بهم في الجنة، أو سيلحقون بهم إذا اهتدوا بهديهم، وساروا على طريقتهم ﴿ذَلِكَ﴾ الفضل الذي أسبغه الله تعالى على من فاز بصحبة النبي ورؤيته؛ فذلك
﴿فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ يخص به من شاء من عباده
﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُواْ التَّوْرَاةَ﴾ أي كلفوا علمها والعمل بما فيها ﴿ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا﴾ لم يعملوا بما كلفوا به ﴿كَمَثَلِ الْحِمَارِ﴾ الذي لا يفهم شيئاً ﴿يَحْمِلُ أَسْفَاراً﴾ إذا حمل كتباً عظاماً؛ فلا ينتفع بما في هذه الكتب؛ فكذلك هؤلاء اليهود «حملوا التوراة» فكانوا «كمثل الحمار» إذا حمل أسفاراً ﴿قُلْ﴾ يا محمد لليهود
﴿يأَيُّهَا الَّذِينَ هَادُواْ إِن زَعمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَآءُ لِلَّهِ﴾ أحباء له تعالى ﴿فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ﴾ أي إن كنتم أولياء الله وأحباءه - كما تزعمون - فتمنوا على الله أن يميتكم، وينقلكم إلى جواره في دار كرامته
﴿وَلاَ يَتَمَنَّونَهُ أَبَداً﴾ لأن الكافر والعاصي لا يتمنيان الموت ﴿بِمَا قَدَّمَتْ أَيْديهِمْ﴾ من الكفر والمعاصي؛ لما ينتظرهم من العقاب على ما قدمت أيديهم (انظر آية ٤٢ من سورة الزمر) في الدنيا؛ فيجازيكم عليه ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ﴾ إذا أذن لها
﴿مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ في المساجد (انظر آية ٢٧ من سورة الحج).
-[٦٨٧]- ﴿وَذَرُواْ الْبَيْعَ﴾ اتركوا التجارة الخاسرة، واسعوا إلى التجارة الرابحة


الصفحة التالية
Icon