﴿مَآ أَصَابَ﴾ الإنسان ﴿مِن مُّصِيبَةٍ﴾ في المال أو النفس ﴿إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ بإرادته وتقديره (انظر آية ١٥٦ من سورة البقرة) ﴿وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾ جزاء على إيمانه.
وهكذا ربك يجزي دائماً الإحسان بالإحسان: يزيد من آمن إيماناً، ومن اهتدى هداية ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى﴾ أما من ضل وغوى؛ فإنه تعالى يزيده، ضلالاً على ضلاله، وخبالاً على خباله: ﴿فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً﴾
﴿فَإِن تَولَّيْتُمْ﴾ أعرضتم عن الإيمان والطاعة
﴿اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ﴾ لا إله يعبد سواه ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ قرن تعالى التوكل عليه بكلمة التوحيد: لأن الإيمان بغير توكل لا أثر له؛ إذ أن كلمة التوحيد: إيمان باللسان، والتوكل: إيمان بالقلب، ووثوق بوجوده تعالى وقدرته (انظر آية ٨١ من سورة النساء)
﴿يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ﴾ وهو ما يبدو كثيراً من نشوز بعض الأزواج وجهلهن، وعقوق بعض الأولاد وطيشهم ﴿فَاحْذَرُوهُمْ﴾ أي فاحذروا عداوتهم. والحذر: الاحتراز، والاستعداد، والتأهب. والاحتراز من الأعداء: دفعهم، والتأهب للقائهم وقتالهم. أما الحذر والاحتراز من الأحباء: فهو إزالة أسباب العداء. كيف لا؛ والزوج: قد أوصى بها الرب، وهي الصاحب بالجنب. وقد أمرنا ببسط المودة لها، والرحمة بها أما الأولاد: فهم فلذات الأكباد؛ وزينة الحياة الدنيا وقد أمرنا إلهنا، وهدانا إلى دفع أعدائنا بالإحسان: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ فمن باب أولى يكون دفع الأزواج والأبناء؛ وهم من خير الأحباء فوجب ألا يكون دفع عداوتهم، والحذر منهم: إلا بالإحسان إليهم، ومزيد برهم والعطف عليهم؛ فينقلب بغضهم محبة، وعداوتهم مودة يدل على ذلك قول الحكيم العليم ﴿وَإِن تَعْفُواْ﴾ عنهم ﴿وَتَصْفَحُواْ﴾ عن عداوتهم ﴿وَتَغْفِرُواْ﴾ ذنوبهم ﴿فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ﴾ لكم ولهم ﴿رَّحِيمٌ﴾ بكم وبهم
هذا وقد سار جل الناس، وأغلب المفسرين على وتيرة واحدة في فهم هذه الآية بأوسع معاني العداء: حتى لقد زعم بعض المفسرين أن «من» بيانية، لا تبعيضية؛ فتبلبلت الخواطر، وحل الإزعاج مكان الطمأنينة؛ ونظر كل والد إلى أولاده بعين الارتياب، وكل زوج إلى زوجته بعين التوجس والاحتياط ألم يقل الله تعالى: ﴿إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ﴾ ألم نر بعض شرار الأبناء يقتلون