﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ﴾ أي قاربن انقضاء عدتهن ﴿فَأَمْسِكُوهُنَّ﴾ راجعوهن؛ إن أردتم ﴿بِمَعْرُوفٍ﴾ بغير قصد إلحاق الضرر بهن بتلك المراجعة ﴿وَأَشْهِدُواْ ذَوَي عَدْلٍ مِّنكُمْ﴾ على المراجعة، أو الطلاق. هذا وقد أجمع الفقهاء على وقوع الطلاق بمجرد إرادته والنطق به. وقد جرى العمل على ذلك في صدر الإسلام؛ وبذلك يكون المراد بالإشهاد: الإشهاد على المراجعة دون الطلاق. وقد خالف الشيعة الإجماع، وزعموا أن الطلاق بدون إشهاد: لغو، لا يقع، ولا يعتد به. وقد رأى بعض مفكري هذا العصر: منع وقوع الطلاق إلا أمام القاضي؛ وهو رأي فاسد يأباه صريح القرآن، وما سار عليه السلف الصالح من الأمة؛ فالطلاق يقع - بلا قيد ولا شرط - متى رغب الزوج في إيقاعه؛ ولا تستطيع قوة على ظهر الأرض منعه من هذا الحق الذي جعله الله تعالى متنفساً للزوجين (انظر مبحث الطلاق بآخر الكتاب) ﴿وَأَقِيمُواْ الشَّهَادَةَ لِلَّهِ﴾
أي أدوا الشهادة لوجهه تعالى؛ لا من أجل المطلق أو المطلقة ﴿ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ﴾ أي تلك الأحكام يتعظ بها وينتفع ﴿مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ﴾ القيامة، وما فيها من حساب وجزاء ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ﴾ في أموره ﴿يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً﴾ من كرب الدنيا والآخرة
﴿وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ﴾ أي من حيث لا يخطر بباله. أو المراد ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ﴾ في معاملة أزواجه، ويتبع ما أمره الله تعالى به؛ في طلاقهن. أو إمساكهن ﴿يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً﴾ بأن يقيم له اعواجاجها إذا أمسكها، أو يبدله خيراً منها إذا طلقها «ويرزقه» مهراً ونفقة ﴿مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ﴾ عن الصادق المصدوق صلوات الله تعالى وسلامه عليه «إني لأعرف آية لو أن الناس كلهم أخذوا بها لكفتهم؛ وهي: ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب» ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ أي كافيه. قال: «لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير: تغدو خماصاً وتروح بطاناً» (انظر آية ٨١ من سورة النساء)
-[٦٩٥]- ﴿إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ﴾ منفذ أمره ومراده ﴿قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ شرعه؛ كالطلاق، والعدة ونحوهما ﴿قَدْراً﴾ زمناً لازماً؛ لا يجوز نقصانه