﴿يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ تُوبُواْ إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً﴾ أي توبة صادقة خالصة. والتوبة النصوح: أن يتوب عن الذنب؛ فلا يعود إليه. وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: هي الاستغفار باللسان، والندم بالجنان، والإقلاع بالأركان ﴿عَسَى رَبُّكُمْ﴾ إن تبتم ﴿أَن يُكَفِّرَ﴾ يمحو ﴿نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ﴾ أمامهم ﴿وَبِأَيْمَانِهِمْ﴾ حواليهم (انظر آية ١٢ من سورة الحديد) ﴿يَقُولُونَ رَبَّنَآ﴾ بإدخالنا الجنة
﴿يأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ﴾ بالسيف والسنان ﴿وَالْمُنَافِقِينَ﴾ بالحجة والبيان ﴿وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ﴾ شدد عليهم بالحدود
﴿كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا﴾ في الدين والمعاشرة؛ فقد كانت امرأة نوح تقول لقومه: إنه مجنون؛ وكانت امرأة لوط تدعو قومه إلى إذاية أضيافه (انظر آية ٤٦ من سورة هود)
﴿فَلَمْ يُغْنِينَا﴾ أي لم يدفع نوح ولوط ﴿عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ﴾ من عذابه ﴿شَيْئاً﴾ ولم ينفعهما أن كان زوجاهما من الأنبياء، ومن خيرة خلق الله تعالى، وأقربهم لديه
﴿وَمَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا﴾ حفظته ﴿فَنَفَخْنَا فِيهِ﴾ أي نفخ جبريل في فرجها بأمرنا ﴿مِن رُّوحِنَا﴾ المخلوقة لنا؛ قال تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي﴾ يهبها لمن يشاء إحياءه، أو المراد: نفخنا في فرجها بواسطة روحنا؛ الذي هو جبريل. وقد تأول قوم الفرج هنا: بالخرق، أو الفتق في درع مريم؛ وهو ليس بشيء. وإنما ألجأهم إلى هذا التأويل: خشية أن يقول قائل: إنما كانت ولادتها لعيسى عن الطريق المعهود لسائر من يولد من البشر ﴿وَصَدَّقَتْ﴾ آمنت ﴿بِكَلِمَاتِ رَبَّهَا﴾ شرائعه، وأحكامه، وأوامره، ونواهيه. أو المراد «بكلمات ربها» عيسى عليه السلام؛ لأنه كلمة الله؛ يؤيده قراءة من قرأ «بكلمة ربها» ﴿وَكُتُبِهِ﴾ أي وآمنت بكتبه. يعني التوراة والإنجيل، وما أنزل من قبل ﴿وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ﴾ المطيعين العابدين.


الصفحة التالية
Icon