﴿وَلاَ يَسْتَثْنُونَ﴾ أي ولم يقولوا: إن شاءالله، قال تعالى: ﴿وَلاَ تَقْولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذلِكَ غَداً * إِلاَّ أَن يَشَآءَ اللَّهُ﴾
﴿فَطَافَ عَلَيْهَا طَآئِفٌ مِّن رَّبِّكَ﴾ أنزل عليها المنتقم الجبار آفة سماوية فأحرقت أشجارها، وأتلفت ثمارها وكان ذلك ليلاً؛ لأن الطائف: لا يكون إلا ليلاً. قيل: نزلت عليها شهب من السماء فأحرقتها
﴿فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ﴾ أي كالليل المظلم، أو كالشيء المصروم؛ وهو المقطوع. قيل: كانت جنتهم هذه بمدينة الطائف؛ ولذا سميت الطائف
﴿فَتَنَادَوْاْ﴾ نادى بعضهم على بعض
﴿أَنِ اغْدُواْ﴾ بكروا ﴿صَارِمِينَ﴾ قاطعين للثمر. وصرم الشيء: قطعه
﴿فَانطَلَقُواْ﴾ إلى جنتهم ﴿وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ﴾ يتهامسون سراً؛ خشية أن يسمعهم فقير؛ فيطلب منهم شيئاً
﴿أَن لاَّ يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِّسْكِينٌ﴾
محذرين بعضهم بأن لا يدخل عليهم في بستانهم مسكين؛ لئلا يطالبهم بصدقة من ثمارهم
﴿وَغَدَوْاْ عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ﴾ أي بكروا؛ قاصدين بستانهم بسرعة - قبل أن يفجأهم النهار بضوئه فتراهم الناس - ظانين أنهم قادرون على جني ثماره
﴿فَلَمَّا رَأَوْهَا﴾ رأوا جنتهم، وما حل بها ﴿قَالُواْ إِنَّا لَضَآلُّونَ﴾ أي ضللنا جنتنا، وقصدنا غيرها؛ فليس هذا شأنها. ولما تأملوها جيداً، وتحققوا من أنها جنتهم؛ قالوا:
﴿بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ﴾ حرمنا ثمرة كدنا وجهدنا طوال عامنا، وخسرنا ثمارنا
﴿قَالَ أَوْسَطُهُمْ﴾ أعدلهم وأخيرهم - وكان معارضاً لهم - ولم يكن مرتضياً حرمان المساكين ﴿أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ لَوْلاَ﴾ أي هلا ﴿تُسَبِّحُونَ﴾ ربكم، وتشكرونه على أنعمه التي اختصكم بها؛ ولكنكم عصيتموه؛ فاستوجبتم ما حل بكم
﴿قَالُواْ سُبْحَانَ رَبِّنَآ﴾ تقدس، وتعالى، وتنزه ﴿إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾ بمنع الفقراء، وعدم التوكل على الله وتقديم مشيئته
وهذه القصة أوردها الحكيم المتعال: ليعلمنا أن مصير الشحيح، ومانع الزكاة إلى التلف حتماً: إن لم يكن بتلف ماله، فبتلف أجره وفساد حاله وأنه إن ضن بما يستوجب رضاءالله: هلك ماله مصحوباً بغضب الله
﴿كَذَلِكَ الْعَذَابُ﴾ أي مثل إهلاكنا لجنة هؤلاء؛ نستطيع أن نهلك المكذبين أنفسهم، أو كذلك نعذب من نريد تعذيبه: بابتلائه في أمواله مثل هذا الابتلاء وكم قد رأينا من يشح بالإنفاق:
-[٧٠٥]- فيبتلى في ماله بما يذهبه، أو في عياله بما يرهقه فليتق الله من يؤمن ب الله


الصفحة التالية
Icon