﴿وَأَنَّهُ لَّمَا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ﴾ محمد عليه الصلاة والسلام ﴿يَدْعُوهُ﴾ أي يدعو ربه ﴿كَادُواْ﴾ أي كاد الجن ﴿يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً﴾ جماعات؛ لاستماع القرآن، والاتعاظ به. أو كاد المشركون يجتمعون على تسفيهه والاستهزاء به و «لبداً» جمع لبدة؛ وهو ما تلبد بعضه فوق بعض من الله
﴿ضَرّاً وَلاَ رَشَداً﴾ أي ولا نفعاً
﴿وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ﴾ غيره ﴿مُلْتَحَداً﴾ ملجأ؛ لأن الملتحد: اسم الموضع
﴿إِلاَّ بَلاَغاً﴾ أي لا أملك إلا إبلاغكم ما أوحي إلي
﴿حَتَّى إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ﴾ من العذاب يوم القيامة ﴿فَسَيَعْلَمُونَ﴾ يومئذٍ ﴿مَنِ﴾ منا ﴿أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً﴾ أقل أعواناً من الآخر: نحن أم هم؟
﴿قُلْ إِنْ أَدْرِي﴾ ما أدري ﴿أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ﴾ به من العذاب ﴿أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً﴾ أجلاً. والأمد لا يطلق إلا على المدة الطويلة
{عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً *
إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ} فإنه يظهره على ما شاء من ذلك. والغيب هنا: الوحي؛ فيظهره عليه: بما يوحيه إليه من غيبه. أي لا يطلع على غيبه أحداً؛ إلا بعض الرسل الذين يرتضيهم؛ فإنه يطلعهم على بعض غيبه الذي يكون متعلقاً برسالاتهم؛ ليكون معجزة لهم لدى أقوامهم (انظر آية ٤٤ من سورة آل عمران)
﴿فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً﴾ أي يرسل أمام الرسول الذي يطلعه على الغيب وخلفه حرساً من الملائكة: يحوطونه من كل جانب؛ يحرسونه من تعرض الشياطين؛ لئلا يتشبهوا له في صورة الملك الموحى، ويحفظونه؛ حتى يبلغ إليه، ما أمر بتبليغه إلى الناس، و ﴿لِّيَعْلَمَ﴾ الله تعالى علم ظهور - لأنه تعالى يعلم ما كان، وما يكون، وما هو كائن - ويصير هذا العلم حجة على الخلق الذين ينكرون مجيء الرسل إليهم، ومجيء الملائكة إلى الرسل؛ وهو كقوله تعالى: ﴿وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ﴾ وهوأعلم بهم قبل خلقهم
«ليعلم» ﴿أَن قَدْ أَبْلَغُواْ﴾ أي أبلغ ملائكته إلى رسله ﴿رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ﴾ أو ليعلم الرسول أنه قد أبلغ الملائكة رسالات ربهم بلا تحريف، ولا تغيير. أو ليعلم محمد أن الملائكة «قد أبلغوا رسالات ربهم» لمن تقدمه من الأنبياء، مثل تبليغهم له ﴿وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً﴾ أي أحاط الله تعالى بما لدى الرسل، والمرسل إليهم، والملائكة، والرصد؛ وعلم ما يخفون وما يكتمون


الصفحة التالية
Icon