﴿أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَآءُ بَنَاهَا﴾ أي أخلقكم بعد موتكم أصعب أم بناء السماء؟
﴿رَفَعَ سَمْكَهَا﴾ أي أعلى ارتفاعها
﴿وَأَغْطَشَ﴾ أظلم ﴿لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا﴾ أبرز ضوء نهارها
﴿وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا﴾ بسطها، أو جعلها كالدحية؛ وهي البيضة. ويؤيده ما ذهب إليه الفلكيون، والجغرافيون؛ من كروية الأرض، وانبعاجها كالبيضة
﴿أَخْرَجَ مِنْهَا مَآءَهَا وَمَرْعَاهَا﴾ فجر منها العيون، وأخرج منها الكلأ الذي يرعى
﴿مَتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ﴾ أي كل ما ذكر: خلقناه متاعاً لكم ولأنعامكم
﴿فَإِذَا جَآءَتِ الطَّآمَّةُ الْكُبْرَى﴾ الداهية العظمى؛ وهي القيامة
﴿يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ مَا سَعَى﴾ ما عمل في الدنيا؛ من خير أو شر
﴿فَأَمَّا مَن طَغَى﴾ كفر وفجر
﴿وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ أي فضل الدنيا الفانية الزائلة؛ على الآخرة الدائمة الباقية
﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ﴾ أي قيامه بين يديه للحساب ﴿وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى﴾ أي نهاها عما تهواه؛ مما يوقع في الردى، ويستوجب العذاب (انظر آية ١٧٦ من سورة الأعراف)
﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ﴾ عن القيامة ﴿أَيَّانَ مُرْسَاهَا﴾ متى وقتها؟
﴿فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا﴾ أي أين أنت من ذكر الساعة ووقتها؟ فقد تفرد بعلمها علام الغيوب
﴿إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَآ﴾ أي منتهى علمها، وما يكون فيها
﴿إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا﴾ أي إنما أرسلناك لتنذر - من أهوالها - من يخشاها؛ لا أن تعلمهم بوقتها
﴿كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا﴾ أي يوم يرون الساعة ﴿لَمْ يَلْبَثُواْ﴾ في الدنيا ﴿إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا﴾ وهما طرفا النهار؛ فكأنه تعالى يقول: لم يلبثوا إلا جزءاً من يوم.
وهو تعالى القادر على تقصير الأوقات وإطالتها؛ فقد يرى النائم أنه قد تزوج وأنجب، وأنه قد مرت عليه من الأحداث ما يستغرق السنين ذوات العدد؛ وهو لم يزاول مضجعه بعد، وقد لا يتجاوز وقته بضع ثوان؛ فكذلك الميت حين يبعث يظن أنه لم يلبث في دنياه وقبره إلا جزءاً من يوم.