﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ﴾ بعد موتهم
﴿ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ﴾ نزلت هذه الآية في الأوصياء والمعنى: تذكر أيها الوصي ذريتك الضعاف من بعدك؛ وكيف يكون حالهم بعد موتك؛ وعامل اليتامى الذين وكل إليك أمرهم وتربوا في حجرك؛ بمثل ما تريد أن يعامل أبناؤك بعد فقدك
﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً﴾ أي ظالمين لهم ﴿إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً﴾ وهذا مشاهد في الدنيا: ترى آكل مال اليتيم؛ وقد انتابته الأمراض الفتاكة المهلكة؛ فهذه قرحة في المصارين تقضّ مضجعه، وهذا سرطان يسري في دمه ويأكل لحمه وهؤلاء أبناؤه وقد فسدوا خلقاً وخلقاً، وعاثوا فساداً وإفساداً، وأهلكوا ماله وأفسدوا حاله؛ جزاءً وفاقاً لما جنته يداه، وعصيانه لمولاه وقد ذهب المفسرون إلى أن المراد بالنار التي يأكلونها في بطونهم: نار الآخرة؛ لأن مآلهم إليها. والقول الذي ذهبنا إليه أولى لما نشاهده، ولقوله تعالى: ﴿وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً﴾ في الآخرة
﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ﴾ أي يعهد إليكم، ويأمركم ﴿فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ﴾ أي مثل نصيب الأنثيين. ولا توجد حالة يسوي فيها المشرع بين الذكر والأنثى في الميراث؛ سوى عند وجود الأبوين مع ابن أو بنتين فصاعداً؛ فإن نصيب الأم يكون مساوياً لنصيب الأب؛ فيأخذ كل منهما السدس. وعند وجود إخوة، وإخوة لأم؛ فإنهم جميعاً يستحقون ثلث التركة: يقسم بينهم بالتساوي، لا فرق بين ذكورهم وإناثهم. ولا عبرة بما يدعو إليه غلاة الزنادقة، وأئمة الإلحاد؛ من مساواة المرأة بالرجل في الميراث؛ إذ أن ما يدعون إليه من أكبر الكبائر كيف لا وهو مخالف لما جاء به الكتاب الكريم، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والميراث من الحقوق التي قررها الله تعالى، وجعلها فريضة محكمة، وتوعد مخالفها والخارج عليها بنار الجحيم؛ والعذاب
-[٩٣]- الأليم: