﴿وَإِنْ أَرَدْتُّمُ﴾ أيها الأزواج ﴿اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ﴾ بتطليق وتزوج ﴿وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ﴾ أي آتيتم الزوجة المرغوب عنها، المرغوب في تطليقها ﴿قِنْطَاراً﴾ كناية عن كثرة المعطى لها؛ من مهر وهدية ونحوهما ﴿فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً﴾ وصف الله تعالى أخذ المطلق شيئاً مما آتاه لمطلقته بالبهتان - وهو الظلم - وبالإثم المبين - وهو الذنب البين الفادح. وهذا النهي في حالة واحدة: هي رغبة الرجل وحده في التطليق؛ ابتغاء «استبدال زوج مكان زوج» أما في حالة رغبتها هي في الانفصال؛ فيجوز له أخذ كل ما آتاها أو بعضه؛ لقوله تعالى: ﴿فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾ نفسها؛ لتخلص من هذا الزوج الذي لا ترغب في البقاء تحت إمرته (انظر آية ٢٢٩ من سورة البقرة)
﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ﴾ هو كناية عن الخلوة الصحيحة ﴿وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً﴾ الميثاق الغليظ: هو ما أمر الله تعالى به من إمساكهن بالمعروف، أو تسريحهن بإحسان، أو هو عقد الزواج، أو هو كناية عن الالتقاء والمجامعة. أو المراد بالإفضاء والميثاق: هو ما بينهما من المودة والمحبة، وما يجب عليهما من ستر المعايب، والمحافظة على السر
﴿وَمَقْتاً﴾ وبغضاً عند الله تعالى:
﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ﴾ أي بنات أزواجكم اللاتي ربيتموهن؛ وسميت ربيبة: لتربيته لها. والتحريم يتناول من تربت في الحجر ومن لم تترب فيه؛ لأن الزوجة المدخول بها: يحرم على الزوج أصولها وفروعها. وقد ذهب أهل الظاهر إلى أن الربيبة لا تحرم إلا بشرطين: الدخول بالأم، والتربية في الحجر؛ فإذا انعدم أحد الشرطين؛ لم يوجد التحريم ﴿فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾ لا حرج في تزوج الربيبة في حالة طلاق الزوجة، أو موتها قبل الدخول بها؛ والدخول: كناية عن الجماع ﴿وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ﴾
-[٩٦]- جمع حليلة؛ وهي الزوجة ﴿وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الاخْتَيْنِ﴾ لما في الجمع بينهما من مضارة لهما؛ وإبدال ما بينهما من ود بالغ، إلى حقد شنيع ويحرم أيضاً الجمع بين المرأة وعمتها، أو خالتها، أو ابنة أخيها، أو ابنة أختها؛ لقوله: «لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها وعلى ابنة أخيها ولا على ابنة أختها»