﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا﴾ أي إن استحكم هذا الشقاق، وخشيتم عواقبه؛ ولم تتأدب بما أدبها الله تعالى به، أو تجاوز الزوج حدود الله في تأديبها ﴿فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَآ﴾ ليبحثا ما بين الزوجين من خلاف ﴿إِن يُرِيدَآ﴾ الحكمان ﴿إِصْلاَحاً﴾ بين الزوجين ﴿يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَآ﴾ أي بين الحكمين؛ فيزيلا ما بين الزوجين. أو «يوفق الله بينهما» أي بين الزوجين ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً﴾ بما فعله الحكمان ﴿خَبِيراً﴾ بمكنون صدورهما ﴿﴾ حق عبادته
﴿وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً﴾ قرن تعالى عبادته بالإحسان بالوالدين في غير موضع من كتابه الكريم؛ لما لهما على الابن من فضل يعجزه وفاؤه ﴿وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى﴾ القريب منك ﴿وَالْجَارِ الْجُنُبِ﴾ البعيد عنك. أو المراد بها قرابة النسب؛ وعلى كلا المعنيين فقد أوصى الله تعالى بذي القربى - جاراً كان أو غير جار - وقد أوصى جبريل الأمين الرسول الكريم صلوات الله تعالى وسلامه عليهما بالجار حتى ظن النبي أنه سيورثه؛ ومن وصيته عليه الصلاة والسلام بالجار: «إن استقرضك أقرضته، وإن استعانك أعنته، وإن مرض عدته، وإن احتاج أعطيته، وإن أصابه خير هنأته، وإن أصابته مصيبة عزيته، وإن مات تبعت جنازته، ولا تستطل عليه بالبناء فتحجب عنه الريح إلا بإذنه، ولا تؤذه بقتار قدرك إلا أن تغرف له منها، وإن اشتريت فاكهة فاهد له، وإن لم تفعل فأدخلها سراً، ولا يخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده» ﴿وَالصَّاحِبِ بِالجَنْبِ﴾ وهو الذي رافقك في سفر، أو تعلم علم، أو جاورك في الصلاة. وقيل: هي امرأة الرجل تكون إلى جنبه ﴿وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ المسافر المنقطع ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ من العبيد والإماء ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً﴾ متكبراً ﴿فَخُوراً﴾ على الناس بجاهه وماله
﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَآ آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ﴾
من مال كثير، ورزق وفير؛ فلا يعطون منه الفقير؛ فحسبهم جهنم وبئس المصير ﴿وَأَعْتَدْنَا﴾ هيأنا وأعددنا ﴿لِلْكَافِرِينَ﴾ الذين يبخلون بما آتاهم الله ﴿عَذَاباً مُّهِيناً﴾ هذا شأن الذين يبخلون؛ أما الذين يتظاهرون بالكرم والجود - رياء ونفاقاً - فهم أسوأ حالاً ومآلاً ممن يبخلون وقد وصفهم الله تعالى بقوله:
﴿وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَآءَ النَّاسِ﴾ أي مراءاة لهم ﴿وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ﴾ لأنهم لو آمنوا بربهم؛ لعملوا له لا لمخلوقاته
-[١٠٠]- فهم في العطاء أسوأ من البخلاء؛ لأنهم قرناء الشيطان ﴿وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً﴾ أي مصاحباً؛ يأمر فيطاع: يأمره بكل شر، وينهاه عن كل خير


الصفحة التالية
Icon