قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ)
يسأل عن معنى سؤاله تعالى لعيسى عليه السلام؟
وفيه جوابان:
أحدهما: التوبيخ لمن أدعى ذلك عليه. كما يُقَرر الرجلُ البريء بحضرة المدعَى عليه ليبكت المدعي بذلك، وهذا قول الزجاج.
والثاني: أنّ الله تعالى أراد أن يُعرفه أنّ قومه آل أمرهم إلى هذا الأمر العجيب المنكر، وهذا على تأويل قول السُّدِّي: أنّه قيل له هذا في الدنيا.
* * *
فصل:
ويُسأل: هل قيل له هذا في الدنيا. أو سيقال له؟
وفي هذا جوابان:
أحدهما: أنّه سيقال له يوم القيامة، وهو قول ابن جريج وقتادة والزجاج لقوله (هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ).
والثاني: أنّه قيل له ذلك حين رفعه الله تعالى إليه في الدنيا، وهو قول السُّدِّي، لأنّ الفعل بلفظ الماضي، ولا ينكر أن يأتي الفعل الماضي ومعناه الاستقبال في مثل هذا، وقد جاء في القرآن منه مواضع كثيرة، نحو قوله تعالى: (وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ) وقال (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا) وقال (أَتَى أَمْرُ اللَّهِ) وقال (وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ)، وهذا