وقال الفراء والزجاج: موضعها رفع؛ لأنَّها بمعنى (أي) كقوله تعالى: (أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى) وهذه المسألة فيها خلاف. وسأشرحها في موضعها إن شاء الله.
قال أبو علي: (مَن) في موضع نصب بفعل مضمر يدل عليه (أعلم)، كأنّه قال: إن ربَّك أعلم يعلم من يضل عن سبيله.
وزعم قوم أن (أعلم) بمعنى (يعلم)، وهذا فاسد ولا يجوز أن يكون (مَن) في موضع جر بإضافة (أعلم)؛ لأنَّ (أفعل) لا يضاف إلا إلى ما هو بعضه، وليس ربنا تعالى بعض الضالين، ولا بعض المضلين فامتنع ذلك لذلك.
قوله تعالى: (النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ)
المثوى: موضع الثواء، والثواء الإقامة، قال الله تعالى: (وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ)، قال الأعشى

لقد كانَ في حَوْلٍ ثَواءٍ ثَوَيْتُه تَقَضِّي لُباناتٍ وَيَسْأَمُ سائِمُ
والخلود: البقاء. يقال: خلد يخلد خُلداً وخلوداً، والرجل خالد. والخلد اسم من أسماء الجنة، ويقال: أخلد الرجل إذا أبطأ عنه الشيب، وخلد أيضاً، وكذلك أخلد إلى الأرض وخلد، ويقال: أصاب فلان خُلد الأرض إذا وجد كنزا.
ومما يسأل عنه أي يقال: ما معنى الاستثناء في قوله تعالى: (خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ)؟


الصفحة التالية
Icon